وأقرب مثال يوضح ذلك: أن الزكاة لما كانت متعلقة بعين المال، وليست بالذمة وجبت في مال الصبي والمجنون، مع أن ذمتهما ليست محلًا للتكليف.
قال صلى الله عليه وسلم: فإن هم أجابوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم (١).
[والفرق بين الدين والعين من وجوه]
الأول: المال المعين إذا تلف بغير تعد ولا تفريط فقد فات، أما المال الثابت في الذمة فإنه لا يبطل بتلف مال صاحبه.
الثاني: من عليه دين فله قضاؤه من أي ماله شاء، فالدين يمكن وفاؤه بدفع مثله، وإن لم يدفع عينه. بخلاف العين فإن الحق يتعلق بذاتها، لا بأمثالها.
الثالث: الحوالة، والمقاصة لا تجري إلا في الديون؛ لأن الأعيان إنما تستوفى بذاتها، لا بأمثالها.
فائدة: إذا تزاحم حقان في محل: أحدهما متعلق بذمة من هو عليه، والآخر متعلق بعين من هي له، قدم الحق المتعلق بالعين على الآخر؛ لأنه يفوت بفواتها، بخلاف الحق الآخر (٢).
(ح-٦) لحديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
من أدرك ماله بعينه عند رجل أو إنسان قد أفلس، فهو أحق به من غيره. متفق عليه (٣).
* * *
(١) صحيح البخاري (١٣٠٨) ومسلم (٢٧). (٢) انظر المنثور في القواعد (٢/ ٦٤). (٣) البخاري (٢٤٠٢)، ومسلم (١٥٥٩).