وقال الشيرازي:«فإن وصى لحربي ففيه وجهان، أحدهما: أنه لا تصح الوصية، وهو قول أبي العباس بن القاص؛ لأن القصد بالوصية نفع الموصى له، وقد أمرنا بقتل الحربي، وأخذ ماله فلا معنى للوصية له .... »(١).
° دليل من قال: لا تصح الوصية للحربي:
[الدليل الأول]
قال تعالى:{إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ}[الممتحنة: ٩]
جاء في مجمع الأنهر نقلًا من الجامع الصغير:«الوصية لحربي وهو في دارهم باطلة؛ لأنها بر وصلة وقد نهينا عن بر من يقاتلنا، ثم ذكر الآية ... »(٢).
[ويجاب]
بأن الآية ليس فيها النهي عن بر المشركين، بل فيها النهي عن تولي المحاربين، وليست الوصية من الموالاة، وإلا لما جازت للذمي.
قال فخر الرازي: قوله: (أن تولوهم) بدل من (الذين قاتلوكم)، والمعنى: لا ينهاكم عن مبرة هؤلاء، وإنما ينهاكم عن تولي هؤلاء .... وقال أهل التأويل هذه الآية: تدل على جواز البر بين المشركين والمسلمين، وإن كانت الموالاة منقطعة» (٣).
وقال إمام الحرمين:«الوصية لا تقتضي الموالاة، ولا تعتمدها، ولست أدري ماذا كان يقول في الهبة من الحربي، وظاهر قياسه أنها كالوصية»(٤).
(١). المهذب (١/ ٤٥١). (٢). مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (٢/ ٦٩٢). (٣). تفسير الرازي (٢٩/ ٥٢١). (٤). نهاية المطلب (١١/ ٢٨٧).