من كلام المالكية، فإنهم يقولون: ومن زاد في سعر، أو نقص منه، أمر بإلحاقه بسعر الناس، فإن أبى أخرج من السوق (١).
[القول الثاني]
إن هدد من خالف التسعير حرم البيع، وبطل العقد في الأصح؛ لأن الوعيد إكراه، وهذا مذهب الحنابلة (٢).
[وجه صحة البيع مع مخالفة التسعير]
إن قلنا: إن التسعير لا يجوز، فهذا ظاهر؛ لأن التسعير حرام، وظلم، فالتزامه ليس بواجب.
وإن قلنا: إن التسعير جائز، فوجه صحة البيع مع مخالفة التسعير: أن التسعير غاية ما فيه أنه جائز، ومخالفة الجائز لا تجعله حرامًا.
وإن قلنا: إن التسعير واجب، كما نص عليه ابن تيمية في بعض الحالات، وقد تقدم نقل كلامه، فهنا يشكل عليه صحة البيع مع القول بوجوب التسعير، إلا أن يقال: إن الصحة والتحريم ليس بينهما تلازم، فقد يصح الشيء، مع كونه
(١) هذا نص كلام ابن جزي في القوانين الفقهية (ص: ١٦٩). (٢) جاء في الإنصاف (٤/ ٣٣٨): «يحرم التسعير. ويكره الشراء به على الصحيح من المذهب، وإن هدد من خالفه: حرم، وبطل العقد على الصحيح من المذهب. صححه في الفروع والرعاية الكبرى، وقدمه في الرعاية الصغرى. وقيل: لا يبطل العقد مأخذهما هل الوعيد إكراه.». وفي الفروع (٤/ ٥٢): «يحرم التسعير ويكره الشراء به، وإن هدد من خالفه حرم وبطل في الأصح مأخذهما هل الوعيد إكراه؟». وانظر شرح منتهى الإرادات (٢/ ٢٦)، كشاف القناع (٣/ ١٨٧).