قال الحافظ (١): «إذا وفى لكل واحدة منهن كسوتها ونفقتها، والإيواء إليها لم يضره ما زاد على ذلك من ميل قلب أو تبرع بتحفة». اه.
(وعليه)؛ أي: الزوج حرا كان أو عبدا وجوبا (النفقة والسكنى) للزوجة حرة كانت أو أمة مسلمة كانت أو كتابية (بقدر وجده)؛ أي: وسعه لقوله تعالى: ﴿أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم﴾ [الطلاق: ٦]، وفي حديث جابر ﵁:«أن رسول الله ﷺ خطب الناس فقال: اتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، … ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف»(٢)، وحديث معاوية القشيري ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «أطعموهن مما تأكلون واكسوهن مما تكتسون ولا تضربوهن ولا تقبحوهن»(٣)، وظاهره أنه لا يراعى إلا حال الزوج فقط، والمشهور أنه يراعى حالهما معا فينفق نفقة مثله لمثلها في عسره ويسره، وكذلك الكسوة، ويجوز إعطاء الثمن عما لزمه، ولا يلزمها الأكل معه، واتفق على أنها تطلق عليه إذا عجز عن النفقة بعد التلوم على المشهور، ومقابله أنه يطلق عليه من غير تلوم ذكره بهرام، وطلاقه يكون رجعيا ولو أوقعه الحاكم، ولكن لا تصح رجعته لها إلا إذا وجد يسارا يظن معه دوام القدرة على الإنفاق (٤).
(ولا قسم في المبيت لأمته ولا لأم ولده) مع زوجة أو مع أمة أخرى، لأن القسم إنما يجب لمن له حق في الوطء وهاتان لا حق لهما فيه اتفاقا لقوله تعالى: ﴿فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم﴾، ولأن النبي ﷺ لم يكن يقسم لمارية القبطية وريحانة، ولأن الأمة لاحق لها في الاستمتاع ولذلك لا يثبت لها الخيار بكون السيد مجبوبا أو عنينا إذ الذي
(١) الفتح (٩/ ٢٢٤). (٢) أخرجه مسلم (٤/ ٨٠)، وأبو داود (١٨٣٤) والنسائي (٢/ ٤٩ - ٥٠)، وفي «الكبرى». (٣) رواه أبو داود (٢١٤٦)، وصححه الألباني. (٤) انظر: المدونة (٢/ ١٨٩)، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٥/ ٤٠٧) و (١٤/ ٢١٧)، والذخيرة للقرافي (٤/ ٤٥٤).