للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكن همهم شق العصا ولا الخروج عن علي ، ولكن رأوا ما رأى معاوية من طلب دم عثمان، وفئة ثالثة خرجت للصلح والوفاق ممن كان مع أمنا الصديقة ، ومعظم الصحابة لم يخرجوا في قتال ولا دخلوا في فتنة مع أن عددهم كان يفوق العشرة آلاف، ولم يدخل منهم في هذا الأمر سوى قرابة الثلاثين، ولذلك يقول عمر بن شبه رحمه الله تعالى: «إن أحدا لم ينقل أن عائشة ومن معها نازعوا عليا في الخلافة ولا دعوا لأحد ليولوه الخلافة، وإنما أنكروا على علي منعه من قتال قتلة عثمان وترك الاقتصاص منهم» (١).

ومما يؤكد ذلك هذه الرواية التي ذكرها ابن كثير: (جاء أبو مسلم الخولاني وأناس إلى معاوية، وقالوا: أنت تنازع عليا أم أنت مثله؟ فقال: لا والله، إني لأعلم أنه أفضل مني وأحق بالأمر مني ولكن ألستم تعلمون أن عثمان قتل مظلوما، وأنا ابن عمته، والطالب بدمه، فائتوه فقولوا له، فليدفع إلي قتلة عثمان، وأسلم له، فأتوا عليا، فكلموه. فلم يدفعهم إليه) (٢) وفي رواية: (فعند ذلك صمم أهل الشام على القتال مع معاوية). وسبحان الله فبالرغم من اجتهاد معاوية في أمر القصاص من قتلة عثمان ومنازعته عليا إلا أنه لما آل إليه الأمر لم يقتص منهم، ورأى ما كان يراه علي من إسكان نار الفتنة وإخمادها، فدل أن نظر الخلفاء الراشدين الأربعة أفضل من رأي غيرهم، والله أعلم.

• طاعة أولي الأمر بعد طاعة الله ورسوله :

(والطاعة لأئمة المسلمين من ولاة أمورهم وعلمائهم).

الشرح

أي: يجب الانقياد لأئمة المسلمين من ولاة الأمور الذين نصبوا أنفسهم لمصالح المسلمين، من علماء وأمراء، وذلك ما أطاعوا الله ورسوله،


(١) سير أعلام النبلاء الذهبي (٣/ ١٤٠) بسند رجاله ثقات.
(٢) البداية والنهاية (٨/ ١٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>