أبو هريرة هل يصلي الرجل في ثوب واحد؟ فقال: نعم، فقيل له: هل تفعل أنت ذلك؟ فقال: نعم. إني لأصلي في ثوب واحد، وإن ثيابي لعلى المشجب» (١).
• كراهة تغطية الفم وكفت الثوب في الصلاة:
إنما كرر المصنف المسألة الماضية ليرتب عليها قوله:
(ولا يغطي المصلي ذكرا كان أو أنثى أنفه أو وجهه في الصلاة) وحكمه الكراهة (٢)، لحديث عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله ﷺ: «لا يصلي أحدكم وثوبه على أنفه، فإن ذلك خطم الشيطان»(٣)، وعن أبي هريرة ﵁:«أن رسول الله ﷺ نهى عن السدل في الصلاة وأن يغطي الرجل فاه»(٤).
قال ابن راشد: إلا أن يكون زي المصلين، وقد أفتى ابن رشد: أن اللثام للمرابطين زيهم لا كراهة فيه لهم، بل يستحب لهم التزامه، ويكره لهم فراقه، لأنه شعارهم (٥).
(أو يضم ثيابه أو يكفت)؛ أي: يضم (شعره) وفي رواية: (ولا يكفت أو ينقض شعره). والنهي عن هذه الأمور كلها نهي كراهة، لحديث ابن عباس ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «أمرت أن أسجد على سبعة أعظم على الجبهة وأشار بيده على أنفه واليدين والركبتين وأطراف القدمين ولا نكفت الثياب والشعر»(٦)، قال في «المدونة»: «من صلى محتزما أو جمع شعره بوقاية، أو شمر كميه، قال: إن كان ذلك لباسه قبل ذلك وهيئته، وكان يعمل
(١) رواه مالك في الموطأ (٣٧٥). «المشجب» هو: عيدان تضم رؤوسها ويفرج بين قوائمها توضع عليها الثياب، الزرقاني (٤١٠/ ١). (٢) تنوير المقالة للتتائي (٢/ ٢٥٢)، وشرح الرسالة لزروق (١/ ٢٩٣). (٣) انظر: مجمع الزوائد للهيثمي (٢/ ٨٦)، وفيه ابن لهيعة وفيه كلام. (٤) أخرجه الترمذي (٣٧٩)، وأبو داود (٦٤٣). (٥) المذهب (١/ ٢٦٣)، وفتاو ابن رشد (٢/ ٩٦٣). وتنوير المقالة (٢/ ٢٥٢)، وشرح زروق (١/ ٢٩٣). (٦) البخاري (٧٧٧)، ومسلم (٤٩٠).