قلت: والحديث الذي أشار إليه تكلم عنه الحافظ أنه لا أصل له فقال: وأما ما ذكره رزين في «جامعه» مرفوعا: «خير يوم طلعت فيه الشمس يوم عرفة وافق يوم الجمعة، وهو أفضل من سبعين حجة في غيرها» فهو حديث لا أعرف حاله، لأنه لم يذكر صحابيه ولا من أخرجه بل أدرجه في حديث «الموطأ» الذي ذكره مرسلا عن طلحة بن عبد الله بن كريز، وليست الزيادة المذكورة في شيء من الموطات، فإن كان له أصل احتمل أن يراد بالسبعين التحديد أو المبالغة، وعلى كل منهما فثبتت المزية بذلك، والله أعلم اه (١).
[المبيت بمزدلفة]
وتسمى جمع بفتح الجيم ثم سكون والمشعر الحرام، وسبب تسميتها بذلك: قال التتائي: وهل سميت بمزدلفة لقربها من عرفة، أو من التقرب لأن العبادة تؤدى فيها، أو لأن آدم ﵇ تقارب مع حواء بها، أقوال؟ (٢).
(ثم) بعد غروب الشمس من يوم عرفة وتمكن الليل (يدفع بدفعه)؛ أي: بدفع الإمام إلى المزدلفة، فإن دفع قبل دفعه بعد غروب الشمس كان تاركا للأفضل، فإذا وصل إليها فليكن أول اهتمامه إقامة الصلاة بعد حط ما خف من رحله (فيصلي معه)؛ أي: مع الإمام (بمزدلفة المغرب والعشاء) جمعا وقصرا للعشاء لغير أهل مزدلفة والمذهب أن هذا الجمع سنة، واحذر من تأخير الصلاة عن وقتها إن لم تتمكن من الوصول قبل منتصف الليل أو قبل ثلث الليل الآخر، ويرخص للنساء والضعفة ومن في حكمهم الدفع بعد مغيب الغاسق، ولا يرمون إلا بعد طلوع الفجر، والأفضل بعد طلوع الشمس.
(و) إذا طلع الفجر استحب له أن يصلي مع الإمام (الصبح) أول الوقت أخذ من هذا أنه يطلب منه البيات بالمزدلفة على جهة الاستحباب كما نص عليه في «المختصر». وأما النزول فهو واجب ولا يكفي فيه إناخة البعير بل لا بد من حط الرحال. قال الحطاب: وهذا ظاهر إذا لم يحصل لبث، أما إن
(١) فتح الباري للحافظ ابن حجر (٨/ ١٢١)، ط: الريان. (٢) تنوير المقالة (٣/ ٤٦١)، وانظر: مادة: (زلف) في لسان العرب.