(وأول وقت العصر)(١) المختار هو (آخر وقت الظهر) المختار، فعلى هذا هما مشتركان، وهو المشهور. واختلف التشهير هل الظهر تشارك العصر في أول وقتها بمقدار أربع ركعات، أو العصر تشارك الظهر في آخر وقتها بمقدار أربع ركعات. فعلى الأول لو أخر الظهر حتى دخل وقت العصر وأوقع الظهر أول الوقت لا إثم عليه. ومن صلى العصر على هذا القول في آخر القامة الأولى كانت باطلة. وعلى الثاني لو صلى العصر عند ما بقي مقدار أربع ركعات من وقت الظهر من القامة الأولى، فإن العصر تقع في أول وقتها؛ أي: ومن صلى الظهر أول القامة الثانية كان آثما لوقوعها بعد خروج وقتها، (وآخره)؛ أي: آخر وقت العصر المختار (أن يصير ظل كل شيء مثليه بعد ظل نصف النهار)، (وقيل) أول وقت العصر أنك (إذا استقبلت الشمس بوجهك)؛ يعني: ببصرك (وأنت قائم غير منكس رأسك، ولا مطاطئ له) التطاطؤ أخفض من التنكيس لأن التنكيس إطراق الجفون إلى الأرض، والتطاطؤ الانحناء على حسب ما يريد الإنسان (فإن نظرت إلى الشمس ببصرك)؛ يعني: إذا جاءت على بصرك (فقد دخل الوقت، وإذا لم ترها ببصرك فلم يدخل الوقت، وإن نزلت عن بصرك)؛ أي: جاءت تحت بصرك (فقد تمكن دخول الوقت) قال القاضي عبد الوهاب وغيره بأنه لا مانع من أن يكون لدخول الوقت وخروجه طرق موصلة إليه، قال ابن رشد وهذا معترض عليه: بأن الشمس مرتفعة في الصيف، منخفضة في الشتاء (٢).
ثم أشار المصنف إلى رواية ابن القاسم في «المدونة» في بيان آخر الوقت بقوله: (والذي وصف عن مالك ﵀ في تحديد آخر الوقت المختار للعصر (أن الوقت فيها ما لم تصفر الشمس)؛ أي: في الأرض والجدر؛ أي: لا في عين الشمس إذ لا تزال نقية حتى تغرب، والمذهب أن تقديم
(١) قيل: سميت العصر لانعصار النهار للفراغ، والشمس للغروب. (٢) تنوير المقالة (١/ ٦٢٩ - ٦٣٠).