قوله:(ومن سافر)؛ أي: قصد سفرا في البر أو في البحر، واجبا كان كسفر الحج الواجب، أو مندوبا كسفر الحج التطوع، أو مباحا كسفر التجارة (مسافة أربعة برد) جمع بريد وهو أربعة فراسخ والفرسخ ثلاثة أميال، والميل ألفا ذراع.
وهذا بيان لأقل المسافة التي تقصر فيه الصلاة وحدها بالزمان سفر يوم وليلة بسير الحيوانات المثقلة بالأحمال المعتادة (وهي)؛ أي: الأربعة برد (ثمانية وأربعون ميلا فعليه أن يقصر) بفتح الياء وسكون القاف وضم الصاد والميل: اثنا عشر ألف قدم، أما بالمقاييس: فالبريد واحد وعشرون كيلو مترا ومئتان وستة وعشرون مترا، ومسافة القصر أربعة برد، فتكون المسافة تقريبا أربعة وثمانون كيلو مترا وتسعمائة وأربعة أمتار (١)، وقد قدره ابن عباس ﵄ فقال: من عسفان إلى مكة، ومن الطائف إلى مكة، ومن جدة إلى مكة والله أعلم (٢).
و «كان ابن عمر وابن عباس ﵄ يقصران ويفطران في أربعة برد، وهي ستة عشر فرسخا»(٣).
وفي «التوضيح» يعيد من قصر في ستة وثلاثين ميلا أبدا على المذهب.
إذا فمن كان مسافرا فله أن يقصر (الصلاة) المفروضة المؤداة في السفر، والمقضية لفواتها فيه (فيصليها ركعتين إلا المغرب فلا يقصرها)، لأنها وتر لا نصف لها، وانظر لم سكت عن الصبح مع أنها لا تقصر أيضا لأنه لم يثبت في الشرع قصرها، وإن كان ذلك ممكنا بأن تجعل ركعة، والذي يغني عن تطويل القول فيه وفي المغرب أن الإجماع (٤) انعقد على أنهما لا يقصران ولا
(١) الفتح الرباني لأحمد البنا (٥/ ١٠٨)، وتيسير العلام شرح عمدة الأحكام (١/ ٢٧٣)، وقال اثنان وسبعون كلم. (٢) المسافة بين عسفان ومكة ما بين: اثنين وسبعين وثمانين كيلومترا. وكذلك بين الطائف ومكة وهكذا من جدة إلى مكة. (٣) الفتح (٢/ ٦٥٩). (٤) الإجماع لابن المنذر رقم (٦٠).