فالحديث فيه اشتراط كون السلم فيه معلوم الكيل والوزن، وكونه إلى أجل، فكونه يشترط فيه معرفة المقدار فكذا الأجل، فدل الحديث بمفهومه على عدم جواز الحال. ولأن السلم شرع من أجل المصلحة والحاجة ولمن ليس عنده سلع حاضرة يبيعها، فينتفع بثمنها فيبيع السلع في الذمة بثمن حال ينتفع به، أما إذا كانت السلعة عنده فلا حاجة إلى السلم فيبيع السلعة وينتفع بثمنها (١).
• شروط السلم:
أشار إلى شروط رأس مال السلم بقوله:(ويعجل رأس المال)؛ يعني: جميعه لأنه متى قبض البعض وأخر البعض فسد لأنه دين بدين؛ أي: ابتداء دين بدين فلا بد من التعجيل للثمن لقوله ﷺ: «فليسلف» لأن السلف هو البيع، الذي عجل ثمنه وأجل مثمنه. ولأن الحكمة فيه: أن البائع ينتفع بشراء السلعة بأقل من قيمتها حاضرة والمشترى ينتفع بتوسعه بالثمن.
ويجوز أن يكون رأس المال (الثمن) نقودا، أو حيوانا، أو طعاما، أو عروضا لعموم الإذن، ولا يجوز تسليم الطعام في الطعام، ولا النقود أو الذهب والفضة في مثلها، لأنه لا يجوز بيع الطعام بالطعام، ولا العين بمثلها إلا يدا بيد.
ونبه بقوله:(أو يؤخره)؛ أي: رأس مال السلم (إلى مثل يومين أو ثلاثة) على أنه لا يشترط قبضه في المجلس بل إذا عقد السلم على النقد وأخر قبض رأس مال السلم اليومين أو الثلاثة جاز ولا يخرج بذلك عن كونه معجلا (٢)، وقد قيل: ما قارب الشيء يعطى حكمه، ولأن فيه رفق بالناس وهو أمر تتشوف إليه الشريعة، ولا يؤجل أكثر من ذلك حتى لا يكون دينا بدين المنهي عنه شرعا؛ وبالغ على ذلك فقال:(وإن كان) التأخير المذكور (بشرط) وظاهر كلامه إن تأخر أكثر من ثلاثة أيام لم يجز بشرط أو غيره.
(١) انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٣/ ٣٧٩)، وانظر: التوضيح على جامع الأمهات (٦/ ٣ فما بعدها) ط: نجبيويه. (٢) انظر: التوضيح على جامع الأمهات (٦/ ٣ - ٤).