أي: منزل إقامته، ولو تفرقت البيوت فلا بد من مفارقة الجميع حيث جمعهم اسم الحي والدار، أو اسم الدار فقط، أو اسم الحي حيث كان يرتفق بعضهم ببعض وإلا قصر بمجرد انفصاله عن منزله وتصير خلفه ليس بين يديه ولا بحذائه منها شيء هو عين ما قبله فالداعي لتكريره زيادة البيان فكأنه يقول ليس أمامه ولا عن يمينه ولا عن شماله منها شيء، ولما بين المبدأ أراد أن يبين المنتهى فقال:(ثم لا يتم حتى يرجع إليها)؛ أي: إلى البيوت أو يقاربها بأقل من الميل قال أنس ﵁: «صليت الظهر مع النبي ﷺ أربعا بالمدينة، وبذي الحليفة ركعتين … »(١).
وعن علي بن ربيعة قال:«خرجنا مع علي ﵁ فقصرنا ونحن نرى البيوت، ثم رجعنا فقصرنا ونحن نرى البيوت، فقلنا له: فقال علي: «نقصر حتى ندخلها»» (٢)، وقد أجمع أهل العلم (٣) على أن لمن يريد السفر أن يقصر إذا خرج عن جميع بيوت القرية، ويبقى مقصرا حتى يعود.
• المدة التي تقصر فيها الصلاة:
(وإن نوى المسافر إقامة أربعة أيام بموضع، أو ما يصلي فيه عشرين صلاة، أتم الصلاة حتى يظعن) بالظاء المعجمة؛ أي: يرتحل ويصير إذا ظعن كالظاعن من بلده فيقصر إذا جاوز البلد وما في حكمها واعتمد ذلك ابن ناجي.
قال الترمذي رحمه الله تعالى: أجمع أهل العلم أن المسافر يقصر ما لم يجمع إقامة وإن أتى عليه سنون. اهـ (٤).
وفهم ذلك من قول المصنف:(نوى)؛ أي: أن الإقامة المجردة عن النية لا أثر لها، وإن كثرت كإقامته لحاجة يريد قضاءها كل وقت، فلم تقض في
(١) رواه البخاري (١٠٨٩)، ومسلم (١٥٨٠). (٢) البخاري تعليقا الفتح (٢/ ٦٦٣)، والبيهقي في السنن (٥٤٤٩). (٣) الإجماع لابن المنذر (ص ٩)، وانظر: فتح الباري (٢/ ٦٦٣). (٤) الجامع الصحيح للترمذي (٢/ ٤٣٤).