للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو نصر السجزي: «فأما الله - تعالى - فإنه متكلم فيما لم يزل، ولا يزال، إذا شاء ذلك، ويكلم من يشاء تكليمه بما يعرفه [المخاطب] ولا يجهله، وكلامه أحسن الكلام، وفيه سور وآي، وكلمات، وكل ذلك حروف، وهو المسموع منه على الحقيقة سماعا يعقله الخلق، وجائز وجود أعداد من المكلمين يكلمهم في حال واحدة، بما يريده من كل واحد منهم، من غير أن يشغله تكليم هذا عن تكليم هذا. والقرآن في الأصل مصدر، فتارة يذكر ويراد به القراءة كما في قوله تعالى: ﴿وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا﴾ [الإسراء: ٧٨] وقال : «زينوا القرآن بأصواتكم» (١)، وتارة يذكر ويراد به المقروء قال تعالى: ﴿فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرحيم﴾ [النحل: ٩٨]، وقال سبحانه: ﴿وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون﴾ [الأعراف: ٢٠٤]، وقال تعالى: ﴿وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون﴾» [فصلت: ٢٦].

قوله: (وليس بمخلوق فيبيد، ولا صفة لمخلوق فينفد) بالنصب في جواب النفي. وقد تقدم الكلام على ذلك بحمد الله تعالى.

• الإيمان بالقضاء والقدر:

القضاء والقدر: أما القضاء في اللغة: الحكم والفصل.

وشرعا: هو ما قضى به الله في خلقه من إيجاد أو إعدام أو تغيير.

والقدر لغة: التقدير، يقال قدر الشيء يقدره قدرا وقدرا من باب (ضرب)، إذا أحاط بمقداره، وفي الاصطلاح: هو ما قد عرفه به المصنف، وقيل هو: جزئيات ذلك الحكم القضائي، وهو إيجاد الأشياء بمعنى أن الله علم مقادير الأشياء قبل إيجادها، فكل محدث صادر عن علمه وقدرته.

وقيل القضاء: إحكام الشيء وإمضاؤه والفراغ منه، فيكون بمعنى الخلق.


(١) «سنن أبي داود» (٢/ ٩٩)، والنسائي (٢/ ١٣٩)، وابن ماجه (٢/ ٢٤٦)، والدارمي (٢/ ٤٧٤)، وأحمد في «المسند» (٤/ ٢٨٣، ٢٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>