(والإيمان بالقدر خيره وشره، حلوه ومره، وكل ذلك قد قدره الله ربنا، ومقادير الأمور بيده، ومصدرها عن قضائه، علم كل شيء قبل كونه فجرى على قدره، لا يكون من عباده قول ولا عمل إلا وقد قضاه وسبق علمه به ﴿ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير﴾ [الملك: ١٤]).
الشرح
أي: ومما يجب اعتقاده أن جميع الأشياء بتقدير الله لا يخرج منها شيء عن إرادته، تعالى أن يقع في ملكه إلا ما أراده من خير وشر، والأدلة على القضاء والقدر كثيرة من الكتاب والسنة والإجماع: فمن الكتاب: قوله تعالى: ﴿وكان أمر الله قدرا مقدورا﴾ [الأحزاب: ٣٨]، وقوله تعالى: ﴿والله خلقكم وما تعملون﴾ [الصافات: ٩٦] وقوله تعالى: ﴿إنا كل شيء خلقناه بقدر﴾ [القمر: ٤٩]. وفي حديث جبريل ﷺ في «الصحيح» أن النبي ﷺ قال: «وأن تؤمن بالقدر خيره وشره»(١)، وقال النبي ﷺ:«إن أول ما خلق الله القلم فقال: اكتب، قال: ما أكتب؟ قال: اكتب القدر، ما كان، وما هو كائن إلى الأبد»(٢)، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص ﷺ قال: قال رسول الله ﷺ: «كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، قال: وعرشه على الماء»(٣).
(كتب الله مقادير الخلائق) قال العلماء: المراد تحديد وقت الكتابة في اللوح المحفوظ أو غيره، لا أصل التقدير فإن ذلك أزلي لا أول له (وعرشه على الماء)؛ أي: قبل خلق السموات والأرض.
(١) أخرجه أحمد (١/ ٢٨) (١٩١)، والبخاري في «خلق أفعال العباد» (٢٦)، ومسلم (١/ ٢٨). (٢) رواه أبو داود (٤٧٠٢)، والترمذي (٣٣١٩)، وقال: هذا حديث حسن غريب وفيه عن ابن عباس ﵄، وقال الشيخ الألباني: صحيح. (٣) رواه مسلم (٢٦٥٣).