المرتبة الأولى: مرتبة العلم: وهي أن يؤمن الإنسان إيمانا جازما بأن الله ﵎ بكل شيء عليم، وأنه علم ما كان وما يكون، وما لا يكون لو كان كيف كان يكون، وأنه يعلم ما في السموات وما في الأرض جملة وتفصيلا. قال تعالى: ﴿لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما﴾ [الطلاق: ١٢]، وقال ﷺ لما سئل عن أولاد المشركين «الله أعلم بما كانوا عاملين»(١)، وغيرها من الأحاديث الدالة على ذلك.
وأما المرتبة الثانية: فهي مرتبة الكتابة: وهي أن الله ﵎ كتب عنده في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء، وقد جمع الله بين مرتبتي العلم والكتابة في قوله: ﴿ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتب إن ذلك على الله يسير﴾ [الحج: ٧٠]؛ وجاء في الحديث عن رسول الله ﷺ:«إن أول ما خلق الله القلم، قال: اكتب، قال: ربي، ماذا أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن، فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة»(٢).
ولهذا سئل النبي ﷺ: عما نعمله، أشيء مستقبل أم شيء قد قضي وفرغ منه. فقال:«إنه قد قضي» قالوا: يا رسول الله، أفلا ندع العمل ونتكل؟ قال:«اعملوا فكل ميسر لما خلق له». فقال لهم الرسول ﷺ:«اعملوا». ثم تلا قوله تعالى: ﴿فأما من أعطى واتقى * وصدق بالحسنى * فسنيسره لليسرى * وأما من بخل واستغنى * وكذب بالحسنى * فسنيسره للعسرى﴾ [الليل: ٥ - ١٠](٣).
(١) البخاري في القدر (١٣١٧)، (٦٢٢٤)، باب: الله أعلم بما كانوا عاملين، ومسلم (ح ٢٦٥٩). (٢) صحيح، رواه أحمد (٥/ ٣١٧)، وأبو داود (٤٧٠٠)، والترمذي (٢١٥٥)، وابن أبي عاصم (١٠٢، ١٠٣، ١٠٤، ١٠٥)، قال الترمذي: هذا حديث غريب من هذا الوجه، وسكت عنه أبو داود، وقد صححه الشيخ الألباني. (٣) الحديث أخرجه البخاري (٢/ ١٢٠) (١٣٦٢) و (٦/ ٢١٢) (٤٩٤٨)، ومسلم (٨/ ٤٦) (٦٨٢٤).