للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قسم أهل السنة القدر إلى أربع مراتب:

المرتبة الأولى: مرتبة العلم: وهي أن يؤمن الإنسان إيمانا جازما بأن الله بكل شيء عليم، وأنه علم ما كان وما يكون، وما لا يكون لو كان كيف كان يكون، وأنه يعلم ما في السموات وما في الأرض جملة وتفصيلا. قال تعالى: ﴿لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما﴾ [الطلاق: ١٢]، وقال لما سئل عن أولاد المشركين «الله أعلم بما كانوا عاملين» (١)، وغيرها من الأحاديث الدالة على ذلك.

وأما المرتبة الثانية: فهي مرتبة الكتابة: وهي أن الله كتب عنده في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء، وقد جمع الله بين مرتبتي العلم والكتابة في قوله: ﴿ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتب إن ذلك على الله يسير﴾ [الحج: ٧٠]؛ وجاء في الحديث عن رسول الله : «إن أول ما خلق الله القلم، قال: اكتب، قال: ربي، ماذا أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن، فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة» (٢).

ولهذا سئل النبي : عما نعمله، أشيء مستقبل أم شيء قد قضي وفرغ منه. فقال: «إنه قد قضي» قالوا: يا رسول الله، أفلا ندع العمل ونتكل؟ قال: «اعملوا فكل ميسر لما خلق له». فقال لهم الرسول : «اعملوا». ثم تلا قوله تعالى: ﴿فأما من أعطى واتقى * وصدق بالحسنى * فسنيسره لليسرى * وأما من بخل واستغنى * وكذب بالحسنى * فسنيسره للعسرى﴾ [الليل: ٥ - ١٠] (٣).


(١) البخاري في القدر (١٣١٧)، (٦٢٢٤)، باب: الله أعلم بما كانوا عاملين، ومسلم (ح ٢٦٥٩).
(٢) صحيح، رواه أحمد (٥/ ٣١٧)، وأبو داود (٤٧٠٠)، والترمذي (٢١٥٥)، وابن أبي عاصم (١٠٢، ١٠٣، ١٠٤، ١٠٥)، قال الترمذي: هذا حديث غريب من هذا الوجه، وسكت عنه أبو داود، وقد صححه الشيخ الألباني.
(٣) الحديث أخرجه البخاري (٢/ ١٢٠) (١٣٦٢) و (٦/ ٢١٢) (٤٩٤٨)، ومسلم (٨/ ٤٦) (٦٨٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>