وأما السنة: فثبت أن النبي ﷺ كان يصلي صلاة الخوف، وجمهور العلماء متفقون على أن حكمها باق بعد النبي ﷺ. فمن ذلك ما رواه مالك عن يزيد بن رومان عن صالح بن خوات عمن صلى مع رسول الله ﷺ يوم ذات الرقاع صلاة الخوف:
«أن طائفة صلت مع النبي ﷺ وطائفة وجاء العدو فصلى بالذي معه ركعة ثم ثبت قائما وأتموا لأنفسهم، ثم انصرفوا وجاه العدو، وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت، ثم ثبت جالسا وأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم»(٢).
وأما الإجماع فإن الصحابة ﷺ أجمعوا على صلاة الخوف (٣) فروي أن عليا ﵁ صلاة الخوف ليلة الهرير (٤)؛ وصلى أبو موسى الأشعري صلاة الخوف بأصحابه (٥)، وغيرهم.
وتفعل في السفر والحضر جماعة وفرادى، وهذا إنما يظهر في صلاة الالتحام.
• صفة صلاة الخوف في السفر:
بدأ بالكلام على صفتها في السفر جماعة لأن الخوف غالبا إنما يكون
(١) تفسير القرطبي (٥/ ٣٦٤). (٢) رواه مالك في الموطأ (٤٤٠)، والبخاري (٣٩٠٠)، ومسلم (٨٤٢). (٣) وممن حكى الإجماع ابن قدامة في المغني (٣/ ٢٩٦ - ٢٩٧)، والنووي في المجموع شرح المهذب (٤/ ٤٠٤ - ٤٠٥)، وابن عبد البر في الاستذكار (٧/ ٦٥) (٧/ ٧٩). (٤) سنن البيهقي (٣/ ٢٥٢)، باب: الدليل على ثبوت صلاة الخوف وأنها لم تنسخ من كتاب صلاة الخوف، وانظر: خبرها في تاريخ الطبري (٥/ ٤٧). سميت ليلة من الليالي صفين التي التقى فيها علي بمعاوية ﵄ بليلة الهرير، انظر: الأخبار الطوال (١/ ١٨٨). (٥) المرجع السابق، وابن أبي شيبة في مصنفه (٢/ ٤٠٠)، باب: في صلاة الخوف كم هي؟ من كتاب الصلوات.