وكذلك هو في مصنف عبد الرزاق من قول شريح وحديثه أيضا أن النبي ﷺ قال:«لا ضمان على مؤتمن»(١)، فكان مقتضى الجمع بين هذه الأحاديث حمل الأولى على ما يغاب عليه، والثانية على ما لا يغاب عليه ولأنه قبضها بإذن مالكها فكانت أمانة كالوديعة (٢).
ووجوه التعدي كثيرة منها الزيادة في الحمل والزيادة في المسافة، وكذلك يضمن في صورة أخرى وهي أن يتبين كذبه كما إذا قال: تلفت في موضع كذا ولم يسمع أحد من الرفقة بتلفها.
[الوديعة]
• قال المصنف رحمه الله تعالى:
(ومن تعدى على وديعة ضمنها.
وإن كانت دنانير فردها في صرتها ثم هلكت فقد اختلف في تضمينه.
ومن اتجر بوديعة فذلك مكروه والربح له إن كانت عينا.
وإن باع الوديعة وهي عرض فربها مخير في الثمن أو القيمة يوم التعدي).
الشرح
الوديعة: مأخوذة من الودع وهو الترك، قال تعالى: ﴿ما ودعك ربك وما قلى﴾ [الضحى: ٣]؛ أي: ما ترك عادة إحسانه في الوحي إليك، أو مأخوذة من الدعة وهي السكون، لأنها ساكنة عند المودع. وهي في «الاصطلاح»: استنابة في حفظ المال (٣)؛ أو مال وكل على حفظه ويجب رده مهما طلب المالك، وانتفى العذر، ويصدق في ردها إلى المودع بالكسر إلا أن يقبض