وذكر الحافظ ابن عبد البر (١) قولا آخر عن مالك أنه لم يحد جماعة الجمعة بحد (٢). قلت: وهذا أجود.
(والخطبة فيها)؛ أي: الجمعة (واجبة) على المشهور (٣)، ولأن النبي ﷺ ما ترك الخطبة للجمعة في حال، وقد قال:«صلوا كما رأيتموني أصلي»(٤)، وعن عمر ﵁(٥) أنه قال: قصرت الصلاة لأجل الخطبة، وقول عائشة نحو هذا. وقال سعيد بن جبير: كانت الجمعة أربعا فجعلت الخطبة مكان الركعتين (٦)؛ فإذا صلوا بغير خطبة أعادوا في الوقت فإن لم يعيدوا حتى خرج الوقت فإنهم يعيدونها ظهرا.
• شروط صحة الخطبة:
لصحة الخطبة شروط منها ما أشار إليه بقوله:(قبل الصلاة) لقوله تعالى: ﴿فإذا قضيت الصلوة فانتشروا في الأرض﴾ [الجمعة: ١٠] والفاء للترتيب والتعقيب فمن كونه للتعقيب لا يرد أن يقال إن كون الانتشار بعد الصلاة لا ينافي أن يكون بعد الخطبة بأن تكون الخطبة بعد الصلاة فإن البعدية ظرف متسع ولفعله ﵊ وفعل الخلفاء الراشدين بعده فعن أنس ﵁ قال: «رأيت رسول الله ﷺ ينزل من المنبر فيعرض له الرجل في الحاجة، فيقوم معه حتى يقضي حاجته، ثم يقوم فيصلي»(٧).
فمن جهل وصلى بهم قبل الخطبة أعاد الصلاة فقط لمخالفته الموالاة والترتيب النبوي.
(١) الاستذكار (٢/ ٥٩). (٢) وذكر ذلك أيضا خليل في التوضيح على جامع الأمهات لخليل (٢/ ٤٣٠). (٣) التفريع لابن الجلاب (١/ ٢٣١)، والمعونة (١/ ٣٠١)، والتوضيح (٢/ ٤٤٣). (٤) رواه البخاري (٦٠٥) .. (٥) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (٢/ ١٢٨). (٦) سنن البيهقي (٥٩١٣). (٧) رواه النسائي (٢/ ٣/ ١١٠)، وأبو داود (١١٢٠)، والترمذي (٥١٧) وهو حديث حسن، وضعفه الألباني كما في ضعيف أبي داود رقم (١١٢٠).