إلا أن ابن حزم نقل:«أن ابن عمر ﵁ كان يمر على المياه وهم يجمعون فلا ينهاهم عن ذلك»، وعن عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى: أنه كان يأمر أهل المياه أن يجمعوا، ويأمر أهل كل قرية لا ينتقلون بأن يؤمر عليهم أمير يجمع بهم (١).
(والجماعة) شرط صحة؛ أي: من شروط إقامة الجمعة أن يكون هناك جماعة ولا يحصرون بعدد عند الإمام مالك وهذا هو الأجود، بل المطلوب وجود من يستقل بحيث يدفع من يقصده ويساعد بعضهم بعضا في المعاش الحاجي وغيره، ومتى كان يمكنهم الإقامة على التأبيد مع الأمن والقدرة على الدفع عن أنفسهم صحت الجمعة ولو لم يحضر منهم إلا اثنا عشر رجلا باقين لتمام الصلاة مع الإمام لا فرق بين أول جمعة وغيرها قال ربيعة: تنعقد باثني عشر رجلا لما روي عن النبي ﷺ أنه كتب إلى مصعب بن عمير بالمدينة، فأمره أن يصلي الجمعة عند الزوال ركعتين وأن يخطب فيهما فجمع مصعب بن عمير في بيت سعد بن خيثمة باثني عشر رجلا (٢)؛ وعن جابر ﵁ قال:«بينما نحن نصلي مع النبي ﷺ إذا أقبلت عير تحمل طعاما فالتفتوا إليها، حتى ما بقي مع النبي ﷺ إلا اثنا عشر رجلا فنزلت هذه الآية ﴿وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما﴾ [الجمعة: ١١]»(٣)، قال ابن حجر (٤): ووجه الدلالة منه أن العدد المعتبر في الابتداء يعتبر في الدوام، فلما لم تبطل الجمعة بانفضاض الزائد عن الإثني عشر دل على أنه كاف. قال وقد تعقب الاستدلال.
= عبد الرزاق بإسناد صحيح (٣/ ١٦٧)، والمحلى لابن حزم (٥/ ٥٢)، وابن أبي شيبة (٢/ ١٠١)، وانظر: نصب الراية (٢/ ١٩٥)، والمحلى (٥/ ٩٢)، ط: دار الآفاق الجديدة، بيروت، الدراية في تخريج أحاديث الهداية للحافظ (٢/ ٢١٥)، ط: دار المعرفة، بيروت، تحقيق: السيد عبد الله هاشم اليماني مسالك الدلالة للغماري (٧٧). (١) المحلى (٥/ ٥٢). (٢) المغني (٣/ ٢٠٥)، وقال: لم يصح قوله باثني عشر رجلا. (٣) والحديث رواه البخاري (٩٣٦). (٤) الفتح (٢/ ٤٩٢)