والبيت المزعوم في حق بشر بن مروان، مصنوع، وأنه غير موجود في دواوين العرب، وكان غير واحد من أئمة اللغة أنكروه وقالوا: إنه بيت مصنوع لا يعرف في اللغة وقد علم أنه لو احتج بحديث رسول الله ﷺ لاحتاج إلى صحته فكيف ببيت من الشعر لا يعرف إسناده وقد طعن فيه أئمة اللغة؛ وذكر أبو المظفر في كتابه «الإفصاح»: فقال: سئل الخليل هل وجدت في اللغة استوى بمعنى استولى؟ فقال: هذا ما لا تعرفه العرب؛ ولا هو جائز في لغتها وهو إمام في اللغة على ما عرف من حاله فحينئذ حمله على ما لا يعرف حمل باطل.
• إبطال دعوى أن أحاديث الصفات لا تثبت بأحاديث الآحاد:
إننا نعلم جميعا أن أكثر المؤولين قالوا: نحن لا نثبت أمور الغيبيات بأحاديث الآحاد لأنها في زعمهم ولو كانت ثابتة سندا إلا أنها ظنية الدلالة! فنقول لهم: كيف أجزتم لأنفسكم أن تستشهدوا ببيت لا يعرف قائله؟!. وتستدلوا به على تفسير صفة من صفات الله الثابتة في القرآن والسنة وإجماع صدر هذه الأمة، ضاربين عرض الحائط بأحاديث صحاح رواها أئمة ثقات، وبتفسير الراسخين من أهل العلم كالصحابة والتابعين والأئمة المتبعين الأزكياء المتقين.
ثم لو فرضنا أن البيت صح، وأنه يستدل بشعره كما استدل بشعر من كفر قبله لكان ينبغي أن يحمل اللفظ على ما اتفق من معانيه لا أن يخترع له معنى لا يعرفه المبرزون في اللغة كابن الأعرابي والخليل بن أحمد الفراهيدي وغيرهم، وكل أهل فن أدرى بما فيه قال تعالى: ﴿فسئل به خبيرا﴾ [الفرقان: ٥٩].
قال ابن الأعرابي: العرب لا تعرف استوى بمعنى استولى، ومن قال ذلك فقد أعظم (أي: الفرية والكذب). قالوا: وإنما يقال استولى فلان على
(١) انظر: فتح الباري للحافظ ابن حجر (باب: وكان عرشه على الماء) (١٣/ ٤٠٦).