للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى: ﴿لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا﴾ [النبأ: ٣٨]، وقال: ﴿لا يملكون الشفعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا﴾ [مريم: ٨٧]. ولا يأذن أن يشفع إلا لمن ارتضى كما قال تعالى: ﴿ولا يشفعون إلا لمن ارتضى﴾ [الأنبياء: ٢٨].

أنواع الشفاعة: اعلم أن الشفاعة أنواع وأعظمها شفاعة سيد الشافعين نبينا محمد وذلك لأن الأمم كلها يوم القيامة تأتي إليه ليشفع لها من شدة الموقف وهي أعظم الشفاعات، قال النووي: قوله : «وأعطيت الشفاعة» (١) هي الشفاعة العامة التي تكون في المحشر بفزع الخلائق إليه لأن الشفاعة في الخاصة جعلت لغيره أيضا، وهو المقام المحمود الذي وعده الله إياه كما قال تعالى: ﴿عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا﴾ [الإسراء: ٧٩]، وذلك أن الناس إذا ضاق بهم الموقف، وطال المقام، واشتد القلق، وألجمهم العرق، التمسوا الشفاعة في أن يفصل الله بينهم فيأتون آدم ثم نوح ثم إبراهيم ثم موسى ثم عيسى بن مريم وكلهم يقول نفسي نفسي إلى أن ينتهوا إلى نبينا محمد فيقول: «أنا لها» (٢) كما جاء مفصلا في الصحيحين وغيرهما. فعن أبي هريرة أن رسول الله أتي بلحم فرفع إليه الذراع وكانت تعجبه فنهش منها نهشة ثم قال: «أنا سيد الناس يوم القيامة وهل تدرون مم ذلك يجمع الله الناس الأولين والآخرين في صعيد واحد يسمعهم الداعي وينفذهم البصر وتدنو الشمس فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون فيقول الناس ألا ترون ما قد بلغكم ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم فيقول بعض الناس لبعض عليكم بآدم فيأتون آدم فيقولون له أنت أبو البشر خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأمر الملائكة فسجدوا لك اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه ألا ترى إلى ما قد بلغنا فيقول آدم إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله وإنه قد نهاني عن الشجرة فعصيته نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى نوح فيأتون


(١) أخرجه البخاري (٣٣٥)، ومسلم (٢/ ٦٣ ١٠٩٩).
(٢) كما في البخاري (٣٣٤٠)، ومسلم (الإيمان/ ٣٢٢، ٣٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>