بدعة لعانقتك، فاحتج عليه سفيان بمعانقة النبي ﷺ لجعفر حين قدم من أرض الحبشة فقال مالك: كان ذلك خاصا بجعفر ورآه سفيان عاما. وأجازه مالك في رسالته لهارون الرشيد أن يعانق قريبه يقدم من سفره، وقيل: إن هذه الرسالة لم تثبت لمالك (١). وحديث عائشة ﵂ قالت:«قدم زيد بن حارثة المدينة ورسول الله ﷺ في بيتي فأتاه فقرع الباب، فقام إليه رسول الله ﷺ عريانا يجر ثوبه، والله ما رأيته عريانا قبله ولا بعده، فاعتنقه وقبله»(٢).
• فهذا يدل على جوازها للقادم على الأقل:
قال القرافي: قال مالك: وأما القبلة في الفم من الرجل للرجل فلا رخصة فيها بوجه قلت؛ أي: القرافي: بلغني عن بعض العلماء أنهم كانوا يتحاشون تقبيل أولادهم في أفواههم ويقبلونهم في أعناقهم ورؤوسهم محتجين بأن الله - تعالى - حرم الاستمتاع بالمحارم، والاستمتاع هو أن يجد لذة بالقبلة فمن كان يجد لذة بها امتنع ذلك في حقه ومن كان يستوي عنده الخد والفم والرأس والعنق وجميع الجسد عنده سواء.
(وكره مالك)﵀(تقبيل اليد)؛ أي: يد الغير سواء كان الغير عالما أو سيدا أو أبا، وهو ظاهر نص أهل المذهب، وقد اختلف العلماء في ذلك لورود أحاديث تدل على جواز تقبيل أهل الفضل لا سيما الأنبياء والعلماء والوالدين كما نص على ذلك بعض أهل العلم منها عن ابن عمر ﵄ قصة قال فيها:«فدنونا من النبي ﷺ فقبلنا يده»(٣).
(١) الجامع لابن أبي زيد القيرواني (٢٢٥)، وانظر: قصة مالك مع سفيان كاملة في البيان والتحصيل لابن رشد (١٨/ ٢٠٥ - ٢٠٦). (٢) رواه الترمذي وقال: «هذا حديث حسن غريب لا نعرفه من حديث الزهري إلا من هذا الوجه». (٣) أخرجه الحميدي (٦٨٧) قال: حدثنا سفيان، وأحمد (٢/ ٢٣) (٤٧٥٠)، والبخاري في «الأدب المفرد» (٩٧٢)، وأبو داود (٢٦٤٧)، و (٥٢٢٣)، والترمذي (١٧١٦) وقال: هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث يزيد بن أبي زياد وابن ماجه (٣٧٠٤).