وبه قال ابن عبد البر في «الاستذكار»(١)، وقال مالك بوضع الثلث فصاعدا، ولا يوضع فيما هو أقل من الثلث. قال أصحابه: ومعنى هذا الكلام أن الجائحة إذا كانت دون الثلث كان من مال المشتري، وما كان أكثر من الثلث فهو من مال البائع.
واستدل من تأول الحديث على معنى الندب والاستحباب دون الإيجاب: بأنه أمر حدث بعد استقرار ملك المشتري عليها، فلو أراد أن يبيعها أو يهبها لصح ذلك منه فيها. وقد نهى رسول الله ﷺ، عن ربح ما لم يضمن، فإذا صح بيعها ثبت أنها من ضمانه. وقد نهى رسول الله ﷺ بيع الثمرة قبل بدو صلاحها. فلو كانت الجائحة بعد بدو الصلاح من مال البائع لم يكن لهذا النهي فائدة. اه (٢).
(ولا جائحة في الزرع) لأنه لا يباع إلا بعد يبسه. (و) كذا (لا) جائحة (فيما اشترى بعد أن يبس من الثمار) لأن تأخيره بعد اليبس محض تفريط من المشتري فلا جائحة إذا. (وتوضع جائحة البقول) كالبصل والسلق والخضروات (وإن قلت) لأن غالبها من العطش (وقيل: لا يوضع إلا إذا كانت قدر الثلث).
• العرايا:
• قال المصنف رحمه الله تعالى:
(ومن أعرى ثمر نخلات لرجل من جنانه فلا بأس أن يشتريها إذا أزهت بخرصها تمرا يعطيه ذلك عند الجذاذ إن كان فيها خمسة أوسق فأقل ولا يجوز شراء أكثر من خمسة أوسق إلا بالعين والعرض).
الشرح
العرية: فعيلة؛ بمعنى: مفعولة، وجمعها عرايا مثل مطية ومطايا. قال
(١) الاستذكار لابن عبد البر (٣/ ٣١٤). (٢) انظر: فقه السنة للسيد سابق (٣/ ٩٧).