في «مختار الصحاح»: وإنما أدخلت فيها الهاء، لأنها أفردت فصارت في عداد الأسماء، كالنطيحة، والأكيلة. وسميت «عرية» لانفرادها بالرخصة عن أخواتها.
واصطلاحا: أن يمنح الرجل لآخر ثمر نخلة أو نخلات العام والعامين يأكلها هو وعياله. تقدم أن بيع التمر على رؤوس النخيل بتمر مثله محرم، لأنه بيع المزابنة المنهي عنه، لما فيه من الجهل بتساوي النوعين الربويين.
وأشد حالاته إذا باعه على رؤوسه وهو رطب، بتمر جاف، فقد خفي تساويه من وجهتين:
١ - كونهما بيعا خرصا.
٢ - وكون أحدهما رطبا، والآخر جافا، فهذا البيع أحد صور «ربا الفضل».
ولما كانت الأثمان قليلة في الزمن الأول، فيأتي الرطب في المدينة والتفكه به، والناس محتاجون إليه، وليس عند بعضهم ما يشترى به من النقود، فرخص لهم أن يشتروا ما يتفكهون به من الرطب بالتمر الجاف ليأكلوها رطبة، مراعين في ذلك تساويهما لو آلت ثمار النخل إلى الجفاف (١).
وقد عقب المصنف رحمه الله تعالى الجوائح بالعرايا وهي آخر ما ذكره مما شاكل البيوع، ولها شروط أحدها: أن تكون بلفظ العرية وأخذ هذا من قوله: (ومن أعرى) فلو أعطاه بلفظ الهبة ونحوها لم يجز (ثمر نخلات لرجل) الرجل ليس بشرط، بل المرأة وكذلك الصبي والعبد (فلا بأس أن يشتريها) إن بدا صلاحها وإليه أشار بقوله: (إذا أزهت)؛ أي: بدا صلاح ما هي فيه من ثمر أو غيره، وإذا اشتراها فلا يشتريها إلا (بخرصها) بكسر الخاء؛ أي: بكيلها، وأما بالفتح فهو الفعل، وصورة ذلك أن يقال: كم في هذه النخلة من وسق؟ فيقال: كذا وكذا وهلم إلى خمسة أوسق أو غير ذلك. ثم يقال: كم ينقص ذلك إذا جف؟ فيقال: وسق أو أكثر، فإن كان الباقي بعد
(١) تيسير العلام شرح عمدة الأحكام للبسام (٢/ ١٥٦).