ويكره في كل مسجد له إمام راتب أن تجمع فيه الصلاة مرتين.
ومن صلى صلاة فلا يؤم فيها أحدا).
الشرح
هذا باب عظيم من أبواب الفقه المهمة في الدين، إذ أن إمامة المسلمين في صلواتهم هي مهمة الأنبياء والمرسلين عليهم صلوات الله وسلامه أجمعين، ومن ناب عنهم لا بد له من الفقه في الدين، ليصلح لخلافتهم، فهي مسؤولية عظيمة، وشرف كبير، وأمانة تقتضي من حاملها مراعاتها والتبصر في أمورها، وفي ذلك قال المصنف رحمه الله تعالى:
(باب في الإمامة)؛ أي: هذا باب في بيان من هو أولى بالإمامة، ومن يصح الائتمام به، ومن لا تكره إمامته (و) في بيان حكم (الإمام) وأحواله في صلاته وحده، أو صلاة من ائتم به سفرا وحضرا، خوفا وأمنا، جماعة أو فردا (و) كذلك في بيان حكم (المأموم) من أنه يقرأ مع الإمام فيما يسر فيه، وينصت إذا جهر الإمام، وأين يقف إن كان وحده أو مع غيره؟.
• من أحق الناس بالإمامة (١):
(ويؤم الناس أفضلهم)؛ أي: أكثرهم فضلا، وقد جاءت في السياق أحاديث منها قول النبي ﷺ:«يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله»(٢). ومعلوم أن الأقرأ أفعل تفضيل فدل على أفضلية الإمامة، ودعاء النبي ﷺ للأئمة بالإرشاد، فعن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين»(٣).
(وأفقههم) يقال فيه ما قيل في أفضلهم، لحديث أبي مسعود الأنصاري ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن
(١) مواهب الجليل (٢/ ٤١٢) فما بعدها. والمذهب في ضبط المذهب (١/ ٢٧٤). (٢) سيأتي تخريجه. (٣) رواه أبو داود (٥١٧)، والترمذي (٢٠٧)، والحديث صحيح.