انتقل يتكلم على مراتب الأولياء بالنسبة للثيب فقال:
(والابن أولى أولى) بتزويج أمه على المشهور (من الأب)؛ لأنه أقوى العصبة بدليل أنه أحق بموالي مواليها من الأب؛ وقيل: إن الأب أولى منه حكاه الباجي من رواية المدنيين، واختار بعض الشيوخ أن لا ولاية للابن في هذا الباب إلا أن يكون من عشيرة أمه وهو القياس كما قال الباجي (٢)، وفي «البداية» روي عن مالك أن الأب أولى من الابن وهو أحسن (٣)، (والأب أولى) بنكاح ابنته للإجماع على ذلك (٤)(من الأخ) الشقيق أو لأب، ولو اقتصر على قوله: ومن قرب من العصبة فهو أحق لكفى، ومعنى أحق على جهة الأولوية بدليل قوله (وإن زوجها البعيد) كالعم مع وجود الأقرب الخاص كالأخ (مضى ذلك) التزويج لأن الترتيب بينهما إنما هو على جهة الأولوية فقط كما أفاد ذلك معظم شيوخ المدونة، وأن مخالفته مكروهة فقط إن كان التزويج بكفء ولم يكن الخاص مجبرا (٥)، فإن زوجها بغير كفء فإنه يرد؛ أي: يجب على الولي الأقرب رد النكاح ولو رضيت المرأة بذلك فإن لم يرده رفعت ذلك للإمام؛ أي: وجوبا لرده، ولا يجوز لها الرضا وإن زوجها مع وجود المجبر فسخ (وللوصي أن يزوج الطفل) الذكر الذي في (ولايته)؛ أي: له جبره على التزويج كالأب حيث كان في ذلك مصلحة كنكاحه من المرأة الموسرة أو الشريفة لأن إيجاب الوصي كإيجاب الأب، والأب له أن يزوجه بلا خلاف بين أهل العلم كما قال ابن المنذر (٦)، لما روي أن ابن عمر ﵁
(١) انظر: مواهب الجليل (٥/ ٦٠). (٢) انظر: المنتقى للباجي (كتاب النكاح). (٣) بداية المجتهد ونهاية المقتصد (٢/ ١٢) ط: دار الفكر. (٤) الإجماع لابن المنذر (ص ٧٤). (٥) انظر: مواهب الجليل في شرح مختصر خليل (٥/ ٦١ - ٦٢). (٦) الأوسط (٨/ ٢٨٦)، والمغني (٧/ ٣٩٣).