للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ومن أوصى بحج أنفذ من الثلث) على المشهور، (والوصية بالصدقة أحب إلينا)؛ أي: إلى المالكية من الإيصاء بالحج لأنه لا خلاف فيها، ولا خلاف في انتفاع الميت بها، ووصول ثوابها إليه اتفاقا لقوله : «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له» (١).

وأما الحج فمختلف فيه بين أهل العلم هل ينتفع به الميت أم لا؟ ومذهب مالك أنه لا ينتفع به الميت، وأهم من هذا أن الصدقة بر يتعدى نفعه للغير، وحج النفل مقصور الفضل على فاعله والله أعلم.

[حكم موت أجير الحج]

(وإذا مات أجير الحج)؛ أي: من استؤجر لأن يحج عمن أوصى بحج في أثناء الطريق (قبل أن يصل) إلى مكة أو قبل أن يقضي أفعال الحج (فله بحساب ما سار من الطريق؛ أي: من حيث الصعوبة والسهولة والأمن والخوف، لا من حيث المسافة فقد يكون ربعها يساوي نصف الكراء (ويرد ما بقي)، لأنه لا يستحق كل الأجر إلا بتمام العمل، (وما هلك بيده فهو)؛ أي: ضمانه (منه)، لأن عليه معاوضته؛ أي: لأنه تقرر عليه وتحمل عليه عوضه وهو العمل إلا أن يأخذ المال على أن ينفق على البلاغ فـ إنه إذا هلك يكون (الضمان من الذين واجروه) صوابه آجروه بغير واو، وإنما كان الضمان منهم لتفريطهم بعدم إجارة الضمان التي هي أحوط.

وصورة إجارة البلاغ أن يعطى الأجير مالا ليحج به فإن أكمل العمل كان له، وإن لم يكمله لم يستحق منه شيئا، وإن احتاج إلى زيادة رجع بها على المستأجر ويرد ما فضل إن فضل شيء) ولا يجوز له صرف شيء منه في غير الحج.


(١) أخرجه أحمد (٢/ ٣٧٢)، والبخاري في الأدب المفرد (٣٨)، ومسلم (٥/ ٧٣)، وأخرجه أبو داود (٢٨٨٠)، والنسائي (٦/ ٢٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>