واعترض القرافي على هذه المسألة قائلا لا يتصور أن ينسى التشهدين ويكون السجود لهما قبل السلام لأنه لا يتحقق سهوه عن التشهد الأخير إلا بالسلام، لأن كل ما قبله ظرف للتشهد، والجواب أن هذا يتصور في الراعف المسبوق بركعة خلف الإمام، ويدرك الثانية، وتفوته الركعة الثالثة والرابعة، فإنه يطالب بتشهدين بعد مفارقته لإمامه غير تشهد السلام، فإذا ترك هذين التشهدين فإنه يسجد قبل السلام (فلا شيء عليه) وهو المشهور، وهو مذهب «المدونة»(١)، أي: لا إعادة ولا سجود؛ أي: مع الطول إذ هو موضوع مسألة المصنف، وإلا فمن المعلوم أن السنتين الخفيفتين يسجد لهما، لكن إذا طال الأمر ولم يسجد لا يخاطب بسجود ولا يعيد صلاته لكونه عن سنتين خفيفتين.
وقد علمت مما تقدم أن السجود شرع لجبر الخلل الواقع في الصلاة كما لو زاد ركوعا أو سجودا سهوا، أو ترك ركوعا أو سجودا كذلك؛ أي: سهوا، وتلافى ذلك المتروك قبل السلام أو ترك سنة مؤكدة أو سنتين خفيفتين فإنه يطالب بالسجود على حسب أحواله من كونه قبل أو بعد لجبر هذا الخلل، وكان من جملة الخلل الواقع في الصلاة ما لا يجبر بالسجود؛ أي: لا يكون السجود بدلا عنه؛ أي: بحيث يقال إن هذا السجود متمم لصلاة من ترك منها ركنا، وإنه قائم مقام ذلك الركن، نبه على ذلك المصنف بقوله:
• أركان الصلاة لا يجبرها سجود السهو إن تركت:
(ولا يجزئ سجود السهو لنقص ركعة)؛ أي: كاملة تيقن تركها أو شك فيه حال تشهده وقبل سلامه، ولا بد من الإتيان بتلك الركعة، لأن الفرائض لا تجبر بالسهو، وإن كان منها ما يمكن استدراكه في الصلاة بإلغاء البعض كترك سجدة وركعة ونحو ذلك، وهناك ما لا يمكن تداركه إلا باستئناف الصلاة كتكبيرة الإحرام والنية، ومن أساء في صلاته فترك ركنا منها وجب عليه