بأن كان البلد مصرا تتعدد فيه الجمعة (ف) إنه (لا يبني) فيها (إلا في الجامع)؛ أي: الذي ابتدأها فيه. ولو ظن فراغ إمامه لأن الجامع شرط في صحة الجمعة ولا يتمها برحابه، ولو كان ابتدأها به لضيق أو اتصال صفوف كما استظهره الحطاب.
وقال ابن عبد السلام: يصح إتمامها في الرحاب، وظاهر قوله لا يبني إلا في الجامع سواء حال بينه وبين عوده إليه حائل أم لا، وهو المشهور، وعليه فإن حال بينه وبين الجامع الذي ابتدأها فيه حائل قبل إتمام صلاته بطلت جمعته.
• حكم اليسير من النجاسات:
لما تكلم على الرعاف شرع يتكلم على مسألة تقدمت في باب الطهارة لمناسبة تلك المسألة لذلك المقام من حيث الحكم على الغسل المذكور بالاستحباب الذي هو المعتمد إذ هو يؤذن بأن هذا الدم معفو عنه فقال:(ويغسل قليل الدم من الثوب)؛ يعني: والجسد والبقعة.
قال العيني في شرح البخاري: قال ابن بطال حديث أسماء أصل عند العلماء في غسل النجاسات من الثياب، والحجة في أن اليسير من دم الحيض كالكثير قوله ﷺ لأسماء ﵂:«حتيه ثم اقرصيه»(١)، حيث لم يفرق بين قليله وكثيره، ولا سألها عن مقداره، ولم يحد فيه مقدار الدرهم ولا دونه (٢).
ولا تعاد الصلاة إلا من كثيره، لأن النبي ﷺ لم يعد الصلاة من قليله ومما استدلوا به حديث عائشة قالت: كنت مع رسول الله ﷺ وفيه: فلما أصبح رسول الله ﷺ أخذ الكساء فلبسه ثم خرج فصلى فيه الغداة ثم جلس فقال رجل: يا رسول الله هذه لمعة من دم في الكساء، فقبض رسول الله ﷺ عليها مع ما يليها وأرسلها إلي مصرورة في يد الغلام فقال: «اغسلي هذه
(١) أخرجه الشيخان: البخاري (٢٢٥)، ومسلم (٢٩١)، وأبو داود (٣٦٢) واللفظ له. (٢) تحفة الأحوذي، (كتاب الطهارة، باب ما جاء في غسل دم الحيض).