(والحديث) يدل على تحريم الكلام في الصلاة، ولا خلاف بين أهل العلم أن من تكلم في صلاته عامدا عالما فسدت صلاته.
قال ابن المنذر (١): أجمع أهل العلم على أن من تكلم في صلاته عامدا وهو لا يريد إصلاح صلاته أن صلاته فاسدة، واختلفوا في كلام الساهي والجاهل.
وقوله:(والعامد لذلك)؛ أي: للنفخ في الصلاة (مفسد لصلاته) حشو إلا أن يحمل الأول على السهو، ولا يشترط في الإبطال بالنفخ أن يظهر منه حرفان بل ولا حرف واحد، فظهر من ذلك أن المراد النفخ بالفم، وأما بالأنف فلا يبطل عمده ولا سجود في سهوه، قال الأجهوري: وينبغي أن يقيد بأن لا يكون عبثا وإلا جرى على الأفعال الكثيرة، ودليل الإبطال ما روي عن ابن عباس ﵄ أنه قال: النفخ في الصلاة كلام؛ يعني: فيبطل، ومثل هذا لا يقال من قبل الرأي بل عن سماع من النبي ﷺ.
وأما التنحنح لضرورة لا يبطل الصلاة، وكذلك البكاء إذا كان لتخشع؛ أي: بشرط أن يكون غلبة، قال الله تعالى: ﴿إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا﴾ [مريم: ٥٨].
وعن عبد الله بن الشخير ﵁ قال: «رأيت رسول الله ﷺ يصلي وفي صدره أزيز كأزيز المرجل (٢) من البكاء» (٣).
• حكم من أخطأ القبلة:
• قال المصنف رحمه الله تعالى:
(ومن) كان من أهل الاجتهاد بالأدلة المنصوبة على الكعبة، ومثله من
(١) الإجماع لابن المنذر (٣٧). (٢) أزيز: أي: خنين من الخوف - بالخاء المعجمة - وهو صوت البكاء. وقيل: هو أن يجيش جوفه ويغلي بالبكاء. والمرجل: هو بالكسر: الإناء الذي يغلى فيه الماء. (٣) رواه أحمد (١٦٣١٢)، وأبو داود (٩٠٤)، والترمذي في «الشمائل» (٣٢٢)، والنسائي في «الكبرى» (٥٤٥).