للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مفهوم للسهو، بل يحمل عنه بعض العمد كترك التكبير، أو لفظ التشهد، وذلك إذا كان في حال القدوة. وأما إذا كان مسبوقا وسها في حال قضاء ما فاته مع الإمام فإن الإمام لا يحمله عنه، لأن القدوة قد انقطعت، وصار حكمه حكم المنفرد. ثم استثنى من الكلية التي ذكرها مسائل فقال: (إلا ركعة)؛ أي: إلا كركعة؛ أي: من كل ما كان فرضا غير الفاتحة. ولم يرد المصنف الحصر لأن إلا لا تكون للحصر إلا إذا سبقها نفي إذ بقي الجلوس للسلام والرفع وترتيب الأداء وغير ذلك. (أو سجدة أو تكبيرة الإحرام أو السلام أو اعتقاد نية الفريضة)، لأن هذه كلها فرائض، والفرائض لا تسقط بالسهو، ولا يجزئ عنها السجود، ومعلوم أن فرائض الصلاة كلها أفعال ما عدا: الإحرام، والفاتحة والسلام؛ فأقوال، والله الموفق.

• صفة انصراف الإمام بعد السلام:

(و) من فضائل الصلاة أنه (إذا سلم الإمام) من الفريضة (فلا يثبت) في مكانه (بعد سلامه) سواء كانت الصلاة مما يتنفل بعدها أم لا، (ولينصرف)، ويكفي في تغيير هيئته. قال الثعالبي: وهذا هو السنة، لأنه: كان النبي إذا سلم لم يقعد إلا مقدار ما يقول: «اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام» وفي رواية ابن نمير: «يا ذا الجلال والإكرام» (١)، أي: ثم ينصرف إلى أصحابه بوجهه الشريف ، ثم استثنى من انصراف الإمام بعد سلامه مسألة فقال: (إلا أن يكون في محله) وهو داره في الحضر ورحله في السفر، أو كان بفلاة من الأرض (فذلك)؛ يعني: الجلوس بعد سلامه (واسع)؛ أي: جائز لا كراهة فيه لأنه مأمون مما يخاف منه، ولا ينصب نفسه في الدعاء بين الله وخلقه، ويجوز الدعاء عقيب الأذكار بما شاء من خيري الدنيا والآخرة وقد فصلنا القول في أصل هذا المختصر والله الموفق.

وهذا آخر الكلام على الربع الأول من الرسالة فلله الحمد والمنة في الأولى والآخرة، وهو الهادي إلى سواء السبيل.


(١) رواه مسلم (٥٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>