وقد أشار المصنف إلى أنه لا تحديد في موضع وضع اليدين لقول «المدونة»: لا تحديد في ذلك (١). (وكل ذلك واسع)؛ أي: جائز يعني إن وضع يديه حذو أذنيه أو دون ذلك من الأمور الجائزة لا من الواجبة حتى يترتب على تركها فساد بل لو خالف فقد ارتكب مكروها فقط، غير أنك لا تفترش ذراعيك في الأرض لما صح عن أنس ﵁ عن النبي ﷺ قال: ﴿اعتدلوا في السجود، ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب﴾ (٢)، والأحاديث في هذا النهي كثيرة.
قوله: أن يبسط ذراعيه افتراش الكلب؛ أي: يكره أن يفترش الرجل ذراعيه بالأرض في حال سجوده كما يكره له افتراشهما على فخذيه (ولا تضم عضديك إلى جنبيك)؛ أي: ينهى على جهة الكراهة أن يضم الرجل في حال سجوده عضديه إلى جنبيه (لكن يجنح بهما تجنيحا وسطا)؛ أي: يستحب للرجل خاصة أن يباعد بين عضديه وجنبيه كما كان يفعل ﷺ ففي «الصحيحين» أنه: «كان إذا صلى فرج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه»(٣)، وعن ابن عمر، قال: قال رسول الله ﷺ: «لا تفترش افتراش السبع واعتمد على راحتيك وأبد ضبعيك فإذا فعلت ذلك سجد كل عضو منك»(٤).
• فائدة في الأمر بمخالفة البهائم والسباع:
قال الصنعاني (٥) رحمه الله تعالى: وقد ثبت عن النبي ﷺ: الأمر بمخالفة سائر الحيوانات في هيئات الصلاة، فنهى عن التفات كالتفات الثعلب (٦)،
(١) المدونة (١/ ٧٣) (٢) البخاري (٨٢٢)، ومسلم (١١٣٠). (٣) البخاري (٣٨٣)، ومسلم (٤٩٥). (٤) الحاكم (١/ ٣٥٠)، وقال: صحيح، كما في الفتح (٢/ ٣٤٣)، ط: الريان. (٥) سبل السلام للصنعاني (١/ ٣٨٢)، ط: دار الكتاب العربي، بيروت، منه بتصرف يسير. (٦) من حديث أبي هريرة ﵁ عند أحمد (٨١٠٦)، والبيهقي (٢٧٤١).