للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وتباشر) في سجودك؛ أي: من غير حائل (بكفيك الأرض) على جهة الاستحباب، فقد روى ابن أبي شيبة عن عروة بن الزبير: «أنه كان يكره الصلاة على شيء دون الأرض» (١)، وكذا روي عن غير عروة، ويحتمل أن يحمل على كراهة التنزيه والله أعلم.

وروي أيضا بسند صحيح عن إبراهيم النخعي عن الأسود وأصحابه، أنهم كانوا يكرهون أن يصلوا على الطنافس والفراء والمسوح، وأخرج عن جمع من الصحابة والتابعين جواز ذلك (٢)، وحكاه الترمذي (٣).

وإنما استحب المباشرة بالوجه واليدين لأن ذلك من التواضع، ولأجل ذلك كره السجود على ما فيه ترفه وتنعم من صوف وقطن، واغتفر الحصير لأنه كالأرض، والأحسن تركه فالسجود عليه خلاف الأولى، قلت: هكذا قالوا، وهذا الفعل يختلف باختلاف البلاد والعباد فلا تستوي أرض حارة بباردة، ولا المرملة كالمحصبة، ولا الثري المترف، كالثري المتواضع والفقير الصابر.

وبين هيئة المباشرة وهو أن تكون باسطا يديك تكرار مع قوله: وتباشر بكفيك الأرض لأن مباشرة الأرض بالكفين لا تكون إلا مع بسطهما، ويقال إنه كرره لأجل التأكيد (مستويتين للقبلة)؛ أي: ندبا وعلل ذلك القرافي (٤) بأنهما يسجدان فيتوجهان لها، وأما السجود نفسه على اليدين كالركبتين وأطراف القدمين فسنة، (تجعلهما حذو أذنيك أو دون ذلك) لحديث وائل بن حجر قال: رفع يديه حين دخل في الصلاة كبر، - وصف همام حيال أذنيه (٥). وفي حديث أبي حميد: «أن النبي كان إذا سجد أمكن أنفه وجبهته من الأرض، ونتى يديه عن جنبيه، ووضع كفيه حذو منكبيه» (٦).


(١) مصنف ابن أبي شيبة (١/ ٢٣٩)، والاستذكار (٢/ ٣٠٨)، ط: العلمية.
(٢) ابن أبي شيبة (١/ ٣٥١).
(٣) الجامع الصحيح للترمذي (٣٣٤)، ما جاء في جواز الصلاة على البسط.
(٤) الذخيرة (٢/ ١٩٢).
(٥) رواه مسلم (٤٠١).
(٦) رواه أبو داود (٧٣٤)، والترمذي (٢٧١)، وصححه.

<<  <  ج: ص:  >  >>