قال: أدركت الناس يضعون أيديهم قبل ركبهم، قال ابن أبي داود: وهو قول أصحاب الحديث؛ واحتجوا بحديث أبي هريرة المتقدم.
(و) إذا سجدت فإنك (تمكن جبهتك وأنفك من الأرض) الجبهة هي مستدير ما بين الحاجبين إلى الناصية، والتمكين أن يضعهما على أبلغ ما يمكنه وهذا على جهة الاستحباب، وأما الواجب من ذلك فيكفي فيه وضع أيسر ما يمكن من الجبهة، لحديث رفاعة بن رافع ﵁:«ثم يكبر فيسجد، ويمكن جبهته من الأرض حتى تطمئن مفاصله وتسترخي … »(١).
قال الحافظ في «الفتح»(٢): قال القرطبي: هذا يدل على أن الجبهة الأصل في السجود والأنف تبع. ونقل ابن المنذر: إجماع الصحابة على أنه لا يجزئ السجود على الأنف وحده، وذهب الجمهور إلى أنه يجزئ على الجبهة وحدها … ؛ اه بتصرف (٣).
والسجود على الجبهة والأنف واجب، فإن اقتصر على أحدهما ففيه أقوال: مشهورها إن اقتصر على أنفه لم يجزه ويعيد أبدا، وإن اقتصر على جبهته أجزأه وأعاد في الوقت، وهل الاختياري أو الضروري قيل بكل منهما، وهذا إن كانت الجبهة سالمة (٤).
وأما إن كان بها قروح فقال في «المدونة»(٥): أومأ ولم يسجد على أنفه لأن السجود على الأنف إنما يطلب تبعا للسجود على الجبهة فحيث سقط فرضها سقط تابعها فإن وقع وسجد على أنفه فقال أشهب: يجزئه، لأنه زاد على الإيماء، فإن سجد على كور عمامته بفتح الكاف ففي المدونة يكره ويصح؛ أي: إذا كان قدر الطاقة والطاقتين اللطيفتين بأن تكون من الشاش الرفيع.
(١) رواه أبو داود (٨٥٨)، والنسائي (١١٣٦)، والترمذي وقال: حديث حسن. (٢) الفتح (٢/ ٣٤٦)، ط: الريان. (٣) الأوسط (٣/ ٣٣٨). (٤) مواهب الجليل (٢/ ٢١٧)، وتنوير المقالة (٢٦٤)، والإشراف (١/ ٢٤٧)، والمذهب (١/ ٢٥٥ - ٢٥٦). (٥) المدونة (١/ ٧١)، باب في الركوع والسجود، وما جاء في هيئة السجود.