رواه الطبراني وابن النجار (١)، لأن قلوب الصبيان صفحات بيضاء ناصعة، فطرتها نقية، وأرضها خصبة طيبة ندية، ما غرس فيها بسق، وما علق بها اتسق، ولذلك رجى المصنف رحمه الله تعالى أن يكون أول شيء يراضون عليه هو حفظ كتاب الله تعالى مع مبادئ الشرع المطهر الذي ارتضاه الله لنا شرعة ومنهاجا، فيشب الولدان على إدراك أصول الدين ومقاصده، عقيدة سليمة على مذهب السلف الصالح، وفقها صحيحا مستنبطا من شريعة الله الطاهرة، لا يفرقون بين ما ذهب إليه مالك وغيره من الأئمة في العقيدة والفقه والآداب كالمتأخرين الذين جعلوا مذهب مالك عضين.
o اختلاف العلماء في أي العلوم يعلم الصغار أولا؟:
وقد اختلف العلماء في أيهما يسبق إلى قلوبهم هل حفظ القرآن، أم تعلم العقيدة والأحكام فكان من رأي ابن العربي المالكي (٢) أن لا يخلط الطالب في التعليم بين علمين، وأن يقدم تعليم العربية والشعر والحساب، ثم ينتقل منه إلى القرآن.
لكن تعقبه ابن خلدون بأن العوائد لا تساعد على هذا، وأن المقدم هو دراسة القرآن الكريم وحفظه، لأن الولد ما دام في الحجر؛ ينقاد للحكم، فإذا تجاوز البلوغ؛ صعب جبره (٣).
قلت: وهو المجرب والصواب، والله الموفق.
وقال الحافظ السيوطي رحمه الله تعالى:«تعليم الصبيان القرآن أصل من أصول الإسلام، فينشئون على الفطرة، ويسبق إلى قلوبهم أنوار الحكمة قبل تمكن الأهواء منها؛ وسوادها بأكدار المعصية والضلال»(٤). وقال التتائي
(١) ورمز له السيوطي لضعفه في الجامع الصغير، وضعفه الألباني (ضعيف). انظر: حديث رقم (٢٥١) في ضعيف الجامع. (٢) «تراجم الرجال» للخضر حسين (ص ١٠٥). (٣) انظر: حلية طالب العلم للشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله تعالى (١٣). (٤) مقدمة تلاوة القرآن المجيد للشيخ عبد الله سراج الدين، وعنه منهج التربية النبوية =