للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللهو مباح) وقد يكون واجبا إذا كان لا يمكنه الإنفاق على عياله إلا منه، وهذا ثابت بالكتاب والسنة، والإجماع؛ فمن الكتاب قوله تعالى: ﴿قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين﴾ [المائدة: ٤]، وأما السنة فوردت أحاديث كثيرة مشتهرة منها حديث عدي بن حاتم، وأبي ثعلبة الخشني، المتفق عليهما وسيأتي ذكر بعضها إن شاء الله تعالى.

وأما الإجماع فقد قام على إباحة الصيد (١)؛ وهذا الحكم هو الأصل؛ فالأصل في الصيد أنه مباح لدفع الحاجة، والانتفاع بلحمه، ويدل عليه قوله تعالى: ﴿هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا﴾ [البقرة: ٢٩]؛ لأن الأصل في الأشياء الإباحة، حتى يقوم دليل على النقل عن هذا الأصل.

الثاني: الكراهة. وذلك إذا كان القصد منه التلهي به والمفاخرة، وهو قصد المصنف والله أعلم لقوله : «من بدا جفا، ومن تبع الصيد غفل» (٢).

الثالث: التحريم؛ ويحرم الصيد في حالتين:

الأولى: إذا ترتب عليه ظلم للناس بالعدوان على زروعهم، وبساتينهم وأموالهم وأراضيهم، وممتلكاتهم؛ لأن ذلك من الاعتداء على أموال الغير؛ ولأن المقاصد لها أحكام الوسائل.

الثانية: إذا كان الصيد في الحرم، أو في حال التلبس بالإحرام؛ أما الصيد في الحرم فلقوله تعالى: ﴿أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا﴾ [العنكبوت: ٦٧]، ولقوله : «ولا ينفر صيدها» (٣) وتنفير الصيد: إزعاجه عن موضعه، وتهييجه. فالنهي عن الصيد يكون من باب أولى في الحرمة، أما تحريم الصيد في حال الإحرام لقوله تعالى: ﴿يأيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم﴾ [المائدة: ٩٥].


(١) أبو داود (٢٨٥٩)، والترمذي (٢٢٥٦).
(٢) أخرجه أبو داود (٢٧٨٨)، والترمذي في كتاب الفتن بدون تسمية رقم (٢٢٩٢)، والنسائي كتاب الصيد (٤٧٨٨)، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (١٢٧٢).
(٣) رواه البخاري رقم (١٢٦٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>