للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثلث فصاعدا ولا يكون ما دون ذلك جائحة (١).

قال أبو عمر رحمه الله تعالى: «ليس في حديث عمرة ما يدل على إيجاب وضع الجائحة وإنما فيه الندب إلى الوضع»، وهو نحو حديث بن وهب عن عمرو بن الحارث عن بكير بن الأشج عن عياض بن عبد الله عن أبي سعيد الخدري، قال: أصيب رجل في عهد رسول الله في ثمار ابتاعها، فكثر دينه، فقال رسول الله : «تصدقوا عليه»، فتصدق الناس عليه، فلم يبلغ ذلك وفاء دينه، فقال رسول الله لغرمائه: «خذوا ما وجدتم، وليس لكم إلا ذلك» (٢)، فلم يأمر بوضع الجائحة وأخبرهم أن ليس لهم إلا غير ما وجدوا لأنهم لم يبق له شيء يأخذونه، وقد أنظر الله المعسر إلى الميسرة.

«وأما اعتبار مالك في مقدار الجائحة الثلث، فلأن ما دونه عنده في حكم التافه الذي لا يسلم منه بهذه» (٣)

وما ذكره من التحديد في وضع الجائحة بالثلث محله إذا كان سبب الجائحة غير العطش. أما إذا كان سببها العطش فلا تحديد، بل يوضع قليلها وكثيرها، كانت تشرب من العيون أو من السماء، لأن السقي لما كان على البائع أشبه ما فيه حق توفية.

«فإن لم يكن التلف بسبب الجائحة بل كان من عمل الآدمي، فللمشتري الخيار بين الفسخ والرجوع بالثمن على البائع وبين الإمساك ومطالبة المتلف بالقيمة، وقد ذهب إلى هذا أحمد بن حنبل وأبو عبيد وجماعة من أصحاب الحديث. ورجحه ابن القيم قال في «تهذيب سنن أبي داود»: وذهب جمهور العلماء إلى أن الأمر بوضع الجوائح أمر ندب واستحباب، عن طريق المعروف والإحسان، لا على سبيل الوجوب والإلزام (٤).


(١) شرح الزرقاني على الموطأ (٣/ ٣٤١)، الجائحة في الثمار والزرع.
(٢) رواه مسلم (١٥٥٦).
(٣) الاستذكار (٦/ ٣١٣).
(٤) تهذيب السنن (٢/ ١٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>