وقتها المأمول، فلا يقطع القصر إلا بالعزم على الإقامة المذكورة (١)؛ وقد ذهب جمهور العلماء إلى أن الإقامة هي أربعة أيام صحاح، وقد استدل المالكية وغيرهم على أن النبي ﷺ قال:«للمهاجر مقام ثلاثة أيام بمكة بعد قضاء نسكه»(٢).
قال ابن رشد رحمه الله تعالى:«فدل هذا عندهم على أن إقامة ثلاثة أيام ليست تسلب عن المقيم فيها اسم السفر، وهي النكتة التي ذهب الجميع إليها». اهـ (٣).
وعن ابن عمر ﵁ كان يقول:«أصلي صلاة المسافر ما لم أجمع مكثا، وإن حبسني ذلك اثني عشرة ليلة»(٤).
(من مكانه ذلك) تقدم أن المصنف إذا أتى ب (أو) يكون أراد أن المسألة ذات قولين؛ ومفاد كلامه أن القصر بشرطه يقطعه نية إقامة أربعة أيام صحاح فأكثر مع إدراك عشرين صلاة، وهو الذي مشى عليه ابن القاسم.
واستثنوا من كون نية إقامة أربعة أيام فأكثر يبطل حكم السفر نية العسكر الإقامة بدار الحرب، والمراد بدار الحرب محل إقامة العسكر ولو في دار الإسلام حيث لا أمن (٥).
لأن النبي ﷺ أقام في محاصرة الطائف ثماني عشرة ليلة يقصر (٦)، وفي
(١) تنوير المقالة للتتائي (٢/ ٤١٨). (٢) رواه البخاري (٣٩٣٣)، ومسلم (٣٢٨٤). (٣) بداية المجتهد لابن رشد (١/ ٣٢٧)، وتفسير القرطبي جامع الأحكام (٥/ ٣٥٧)، والمنهاج في شرح صحيح مسلم للنووي (٥/ ١٢٦). (٤) رواه مالك في الموطأ (١/ ٤٢٥). (٥) تنوير المقالة للتتائي (٢/ ٤١٨). (٦) كما في سنن أبي داود (١٢٣٠)، وأخرجه عبد الرزاق (٢/ ٥٣٣) رقم (٤٣٣٧)، والطائف تبعد عن مكة إلى جهة الجنوب الشرقي نحو مائة كيلومترا، وتقع على جبل غزوان، وتقع على ارتفاع ١٦٠ مترا عن سطح البحر.