للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بها حرمت عليه أمهاتها ولم تحرم عليه بنتها» (١)، ولما ذكره مالك في «الموطأ»: «أن عمر بن الخطاب وهب لابنه جارية فقال: لا تمسها فإني قد كشفتها» (٢)، وفي «الموطأ» آثار عن بعض التابعين في ذلك (٣)، إذا فبالعقد على الأم لا تحرم البنت وإنما يحرمها الدخول بها؛ أي: وطؤها أو التلذذ ولو بالنظر لجسدها والنظر للوجه ولو مع لذة لغو اتفاقا، ومثله اليدان مثال التلذذ بالنكاح الصحيح ظاهر، ومثال الشبهة من النكاح أن ينكح خامسة أو معتدة غير عالم ويتلذذ بها أو يطأ امرأة يظنها زوجته فيحرم عليه فرع كل واحدة من المذكورات وأصلها.

وضابط نكاح الشبهة أن ينكح نكاحا فاسدا مجمعا على فساده لكن يدرأ الحد، كأن يتزوج بمعتدة، أو خامسة، أو ذات محرم غير عالم ويتلذذ بها، أو يطأ امرأة يظنها زوجته فيحرم عليه أصل كل واحدة منهن وفرعها.

مسألة: (ولا يحرم بالزنا حلال) المعنى: أن من زنى بامرأة ولو تكرر زناه بها لا يحرم عليه به أصلها ولا فرعها، بل يحل له أن يتزوج بأمها أو بنتها التي لم تتخلق من مائه، وأما هذه فتحرم عليه، ومن باب أولى يجوز لأصله وفرعه أن يتزوج بتلك المرأة، ومثله قول مالك في «الموطأ»: «فأما الزني فإنه لا يحرم شيئا من ذلك» (٤)، وظاهر قوله في «المدونة» خلافه ونصها: وإن زنى بأم زوجته أو بنتها فليفارقها، فحمل أكثر الشيوخ هذه المفارقة على الوجوب فاختلف ما في «الموطأ» وظاهر المدونة، فأكثر الشيوخ رجح ما في «الموطأ» وهو المعتمد، لأن كل أصحاب مالك عليه ما عدا ابن القاسم، ومنهم من رجح ما في «المدونة» لما ذكره ابن حبيب عن مالك أنه رجع عما في «الموطأ» وأفتى بالتحريم إلى أن مات (٥)، ودليل ذلك قوله تعالى: ﴿وأحل لكم ما وراء ذلكم﴾


(١) الترمذي (١٠٣٦).
(٢) شرح الزرقاني (٣/ ١٩٤).
(٣) شرح الزرقاني (٣/ ١٩٤).
(٤) الموطأ (٩٧٩).
(٥) المصدر السابق (٣/ ١٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>