وكفرا)، وقد ظاهرت الآثار في التسليم للقدر والنهي عن الجدل فيه والاستسلام له، والإقرار بخيره وشره، والعلم بعدل مقدره وحكمته، وفي نقض عزائم الإنسان برهان فيما قلنا وتبيان والله المستعان (١).
قال النووي رحمه الله تعالى:«واعلم أن مذهب أهل الحق إثبات القدر ومعناه: أن الله ﵎ قدر الأشياء في القدم، وعلم - سبحانه أنها ستقع في أوقات معلومة عنده ﷾ وعلى صفات مخصوصة، فهي تقع على حسب ما قدرها ﷾. وأنكرت القدرية هذا وزعمت أنه ﷾ لم يقدرها ولم يتقدم علمه بها، وأنها مستأنفة العلم؛ أي: إنما يعلمها سبحانه بعد وقوعها وكذبوا على الله ﷾ وجل عن أقوالهم الباطلة علوا كبيرا. وسميت هذه الفرقة قدرية لإنكارهم القدر.
وقال الخطابي: وقد يحسب كثير من الناس أن معنى القضاء والقدر إجبار الله ﷾ العبد وقهره على ما قدره وقضاه، وليس الأمر كما يتوهمونه وإنما معناه: الإخبار عن تقدم علم الله ﷾ بما يكون من اكتساب العبد، وصدورها عن تقدير منه، وخلق لها خيرها وشرها.
وقد تظاهرت الأدلة القطعيات من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة وأهل الحق والعقد من السلف والخلف على إثبات قدر الله ﷾. وقد أكثر العلماء من التصنيف فيه ومن أحسن المصنفات فيه وأكثرها فوائد كتاب الحافظ الفقيه أبي بكر البيهقي ﵁، وقد قرر أئمتنا من المتكلمين ذلك أحسن تقرير بدلائلهم القطعية السمعية والعقلية والله أعلم» اهـ (٢).
• قال المصنف رحمه الله تعالى:
(يضل من يشاء فيخذله بعدله، ويهدي من يشاء فيوفقه بفضله، فكل ميسر إلى ما سبق من علمه وقدره، من شقي أو سعيد).
(١) التمهيد لابن عبد البر (٣/ ١٤٠) في شرحه لأحاديث ربيعة بن أبي عبد الرحمن. (٢) شرح النووي على صحيح مسلم (١/ ١٣٠ - ١٣١) بتصرف.