منه فاعملوا به، وما تشابه فآمنوا به» وفي رواية:«فإن الأمم قبلكم لم يلعنوا حتى اختلفوا، وإن المراء في القرآن كفر»(١).
كما سمى منكري القدر مجوس هذه الأمة، لأن المجوس اتخذوا خالقين من دون الله تعالى، والقدرية جعلوا الخلق أيضا لخالقين.
سئل الشافعي عن القدر فقال:
ما شئت كان وإن لم أشأ … وما شئت إن لم تشأ لم يكن
خلقت العباد على ما علمت … ففي العلم يجري الفتى والمسن
على ذا مننت، وهذا خذلت … وهذا أعنت، وذا لم تعن
فمنهم شقي، ومنهم سعيد … ومنهم قبيح، ومنهم حسن (٢)
قال الحافظ ابن عبد البر رحمه الله تعالى: عن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص﴾ [هود: ١٠٩]، قال: ما قدر لهم من خير وشر؛ وجملة القول في القدر أنه سر الله لا يدرك بجدال ولا نظر، ولا تشفي منه خصومة ولا احتجاج، وحسب المؤمن من القدر أن يعلم أن الله لا يقوم شيء دون إرادته ولا يكون شيء إلا بمشيئته، له الخلق والأمر كله، لا شريك له، نظام ذلك قوله: ﴿وما تشاءون إلا أن يشاء الله﴾ [الإنسان: ٣٠]، وقوله: ﴿إنا كل شيء خلقته بقدر﴾ [القمر: ٤٩]، وحسب المؤمن من القدر أن يعلم أن الله لا يظلم مثقال ذرة، ولا يكلف نفسا إلا وسعها، وهو الرحمن الرحيم، فمن رد على الله تعالى خبره في الوجهين (أو في أحدهما كان عنادا
(١) الحديث أخرجه أحمد في المسند (٢/ ١٩٦). ورجاله ثقات، وأخرج ابن ماجه نحوه في المقدمة، باب في القدر، الحديث رقم (٨٥)، (١/ ٣٣)، وقال صاحب الزوائد في حديث ابن ماجه: «هذا إسناد صحيح ورجاله ثقات». وفي الترمذي: كتاب القدر، باب ما جاء في التشديد في الخوض في القدر، حديث رقم (٢١٣٣)، (٤/ ٤٤٣) وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث صالح المري، وصالح المري له غرائب ينفرد بها لا يتابع عليها. (٢) مناقب الشافعي (١/ ٤١٢ - ٤١٣)، شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (٢/ ٧٠٢).