للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ملة غير الإسلام، فهو كما قال (١)، قال الحافظ: أراد التغليظ حتى لا يجترئ أحد عليه اه، ولو قال: إن فعل كذا يكون مرتدا، أو على غير ملة الإسلام، أو يكون واقعا في حق رسول الله فكذلك.

(ومن حرم على نفسه شيئا مما أحل الله له) من طعام أو شراب أو غير ذلك (فلا شيء)؛ أي: لا كفارة (عليه) ويلزمه الاستغفار لأنه أثم بذلك، لأن المحلل والمحرم هو الله تعالى. وقد ذم الله تعالى من فعل ذلك بقوله تعالى: ﴿قل أرءيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون﴾ [يونس: ٥٩]، ولحديث ابن عمر عن النبي قال: «لا يحرم الحرام الحلال» (٢)، وقد عاتب الله نبيه في تحريمه على نفسه العسل وزوجتيه كما في سورة التحريم، ولأن تحريم الحلال قلب للمشروع فلا ينعقد به تصرف مشروع وهو اليمين؛ ويستثنى مما قال مسألتان أشار إلى إحداهما بقوله: (إلا في زوجته) إذا قال: هي علي حرام (فإنها تحرم عليه) لأن تحريمها طلاقها ثلاثا لا تحل له (إلا بعد زوج) هذا في المدخول بها، وأما غير المدخول بها فيلزمه فيها الثلاث إلا أن ينوي أقل.

والمسألة الثانية: إذا حرم أمته ونوى بها العتق، فإنها تصير حرة بذلك تحرم عليه لا يطؤها إلا بنكاح جديد. وأما إذا لم يقصد العتق فهي كتحريم الطعام والشراب فلا يلزمه إلا الاستغفار.

(ومن جعل ماله كله صدقة) لله تعالى كما فعل أبو لبابة حين تاب الله عليه فقال: يا رسول الله. اهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب، وأجاورك، وأنخلع من مالي؛ صدقة إلى الله، وإلى رسوله. فقال


(١) البخاري (٢/ ١٢٠) (١٣٦٣)، ومسلم (١/ ٧٣) (٢١٧).
(٢) أخرجه ابن ماجه (٢٠١٥)، وقال الحافظ: وإسناده أصلح من الأول (أي: من حديث لعائشة ذكره في الفتح ٩/ ١٥٧)، وضعفه الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة (٣٨٥ و ٣٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>