وأنت، قال: فحكما عليه بعنز، فولى الرجل وهو يقول: هذا أمير المؤمنين لا يستطيع أن يحكم في ظبي حتى دعا رجلا فحكم معه، فسمع عمر قول الرجل فدعاه فسأله: هل تقرأ سورة المائدة؟ فقال: لا، فقال: هل تعرف هذا الرجل الذي حكم معي؟ فقال: لا، فقال: لو أخبرتني أنك تقرأ سورة المائدة لأوجعتك ضربا ثم قال: إن الله ﷿ ويقول في كتابه: ﴿يحكم به ذوا عدل منكم هديا بلغ الكعبة﴾ وهذا عبد الرحمن بن عوف) (١).
ومن شرط حكمهما أن لا يجتهدا بحكمهما في غير ما حكم به النبي ﷺ والصحابة، فإن حكما بما لم يتقدم فيه حكم من مضى فإنه يرد ولا ينفذ. ولا يخرج أحد جزاء من غير حكم فإن أخرجه من غير الحكم أعاده. ولو وافق فيه حكم من مضى وخرج عن ذلك حمام مكة والحرم ويمامه فإنه لا يحتاج في لزوم الشاة لحكم لخروجه عن الاجتهاد بالدليل، فكان حكما مقررا كغيره.
(ومحله)؛ أي: محل نحره؛ أي: جزاء الصيد إن كان مما ينحر، وذبحه إن كان مما يذبح (منى إن وقف به هو أو نائبه (بعرفة وإلا فمكة)؛ أي: وإلا يقف به هو أو نائبه. فمحل ذبحه أو نحره مكة. قال مالك في «الموطأ» والذي يحكم عليه بالهدي في قتل الصيد أو يجب عليه هدي في غير ذلك فإن هديه لا يكون إلا بمكة كما قال الله ﵎: ﴿هديا بلغ الكعبة﴾ [المائدة: ٩٥] قال الباجي: وهل يجزيه أن ينحره بمنى أم لا ظاهر قوله ههنا يمنع من ذلك ويقتضي اختصاصه بمكة، وكذلك يقتضيه استدلاله بقوله ﵎: ﴿هديا بلغ الكعبة﴾ غير أن حكم الهدي حكم غيره من الهدايا إن ساقه وهو معتمر أو حلال نحره بمكة ولو ساقه في حج فوقف به في عرفة لم يجزه أن ينحره إلا بمنى في أيام منى قاله أشهب وابن القاسم عن مالك، ووجه ذلك أنه هدي وقف به في عرفة فوجب أن ينحر في أيام منى كهدي المتعة؛ وهذا التفصيل في حق الحاج، وأما المعتمر أو الحلال فمحله مكة لا غير (و) حيث كان محله مكة فإنه يدخل به من الحل)، لأن من شرط