قال النووي (١): حديث عائشة ضعيف بالاتفاق (٢)، (أي: رفعه)، والثاني: لو ثبت لوجب حمله على الاعتكاف الأكمل جمعا بين الأحاديث، والصحيح جوازه من غير صوم، لحديث عمر ﵁ أنه قال للنبي ﷺ:«كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام، قال: «فأوف بنذرك»» (٣).
وقد قال الرجراجي: وكثيرا ما يتسارع أهل المذهب إلى الاستدلال على أن الاعتكاف لا يكون إلا بصوم، لقوله تعالى: ﴿ثم أتموا الصيام إلى اليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد﴾، ولا دليل في ذلك، غير أنه من باب الاستئناس بالقرآن. اه (٤).
(و) من شرط الاعتكاف أن (لا يكون إلا متتابعا) لأن النبي ﷺ كان اعتكافه كذلك، ما لم ينذره متفرقا، فإن نذره كذلك لم يلزمه التتابع.
(ولا يكون) الاعتكاف (إلا في المساجد كما قال الله ﷾: ﴿وأنتم عاكفون في المساجد﴾ [البقرة: ١٨٧]) فلا يصح في البيوت والحوانيت ونحوها، ولا في المصليات المخصصة للمدارس والشركات ونحو ذلك، ولا يعتكف في السقائف، ولا في المنارة، ولا على ظهر المسجد، واختلف في المؤذن المعتكف هل يصعد المنار أم لا؟ على قولين منصوصين في «المدونة»(٥)؛ ويصح الاعتكاف في أي مسجد كان، ولو كان غير المساجد الثلاثة في أي بلد كان و (أل) في المساجد تفيد العموم (٦)، وحمل قول النبي ﷺ: «لا
= (٥٧٢): ولا بأس برجاله، إلا أن الراجح وقف آخره، وصححه الألباني في الإرواء (٤/ ١٣٩). وأخرجه عبد الرزاق (٤/ ٣٥٤) رقم (٨٠٣٧)، ورواه الدارقطني في باب الاعتكاف من كتاب الصيام (٢/ ٢٠٠)، وقال: تفرد به سويد عن سفيان بن حسين قلت: وسويد بن عبد العزيز ضعيف باتفاق المحدثين، والبيهقي (٤/ ٣١٧) السنن. (١) المجموع للنووي (٦/ ٤٦٨). (٢) انظر: المغني لابن قدامة (٤/ ٤٥٩) (٣) البخاري (٢٠٣٢). (٤) مناهج التحصيل ونتائج لطائف التأويل في شرح المدونة للرجراجي (٢/ ١٥٣). (٥) انظر: المدونة (١/ ٢٣٠)، والنوادر (٢/ ٩٣)، ومناهج التحصيل للرجراجي (٢/ ١٧٠). (٦) المدونة (١/ ٢٣٥)، والتفريع لابن الجلاب (١/ ٣١٣)، والمنتقى للباجي (٢/ ٨٧)،