ومحمد بن فرج القرطبي المالكي ت سنة (٦٧١ هـ). وغيرهم كثير.
تنبيه: ذهب شيخنا العلامة محمد سالم ولد عدود ﵀ إلى أنه ينبغي أن يقال: نفسه بدل كلمة ذات، لأنها لم ترد في القرآن ولا في السنة، ولأن ذات اسم موصول مؤنث يقابله ذو للمفرد المذكر، ولم تأت أبدا عند العرب مضافة للفظ الجلالة، وإنما أتت مضافة للضمير والمراد بها ملته أو شرعته أو سبيله، كقول النابغة:
مجلتهم ذات الإله ودينهم … قويم فما يرجون غير العواقب
ويروى محلتهم بالحاء.
ومعنى مجلتهم؛ أي: مكان إجلالهم وتعظيمهم الذي يجلونه ويعظمونه هو ذات الإله، ومعناه: ملة الله وشريعة الله، والرواية الأخرى: محلتهم ذات الإله؛ أي: أن الذي يعدلون به ويرجعون إليه في أمورهم هو شرعة الله، ولا يرجعون إلى هواهم ولهذا قال: ﴿فما يرجون غير العواقب﴾؛ أي: أمور الآخرة، فهنا قال:(ذات الإله) ولم يقل: ذات الله، فأضاف لفظة (ذات) إلى الإله، لأنه ليس علما ولا ضميرا، فهذا هو السياق اللغوي.
وقد استشهد أيضا بقول خبيب بن عدي ﵁ عندما أرادوا صلبه فقال:
ولست أبالي حين أقتل مسلما … على أي جنب كان لله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ … يبارك على أوصال شلو ممزع
الشلو: العضو، ممزع: مقطع ومفرق.
فأضافا كلاهما الذات للإله وليس للعلم، أو الضمير، وما أتى من إضافتها للعلم نادر أو شاذ، فمن النادر قول إبراهيم الخليل: لقد كذبت في ذات الله ثلاث كذبات، ومن الشاذ ما وجده ابن الزبير ﵄ في حجر داخل الكعبة حين هدمها لإعادة بنائها، فوجد فيها حجرا كتب عليه: أنا الله ذو بكة، حرمتها يوم خلقت السماوات والأرض (ذو بكة)؛ معناه: مالك مكة وبكة هي مكة.