للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجمع، وأحيانا لا يجمع، وهو بالزاوية على فرسخين» (١)، قال مالك: ولم يبلغني أن شهودها يجب على أحد أبعد من ذلك.

والزاوية: موضع ظاهر البصرة معروف، كانت فيه وقعة كبيرة بين الحجاج وابن الأشعث - وقوله على فرسخين؛ أي: من البصرة (٢).

ثم أشار إلى بعض شروط الجمعة فقال: (ولا تجب على مسافر) اتفاقا لأن النبي كان يسافر فلا يصلي الجمعة في سفره، وكان في حجة الوداع بعرفة يوم جمعة فصلى الظهر والعصر وجمع بينهما، ولم يصل جمعة، ولحديث طارق بن شهاب عند أبي داود والبيهقي سيأتي، ولفعل الخلفاء الراشدين الله فقد كانوا يسافرون في الحج وغيره فلم يصل أحد منهم الجمعة في سفره، وكذلك غيرهم من أصحاب رسول الله ومن بعدهم.

وقد قال إبراهيم: «كانوا يقيمون بالري السنة وأكثر من ذلك، وبسجستان السنين لا يجمعون ولا يشرقون» (٣)، وعن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة قال: «أقمت معه سنين بكابل (٤) يقصر الصلاة، ولا يجمع» (٥).

وأقام أنس بنيسابور سنة أو سنتين فكان لا يجمع ذكره ابن المنذر، وهذا إجماع مع السنة الثابتة فلا يسوغ مخالفته.

(ولا على أهل منى) غير ساكنيها، وأما ساكنوها فتجب عليهم إذا كان فيهم عدد تنعقد بهم الجمعة كانوا حجاجا أو لا، قلت: وفي كونهم حجاج نظر.

(و) كذلك (لا) تجب الجمعة (على عبد) على المشهور ومقابله أنها


(١) رواه البخاري معلقا، باب: من أين تؤتى الجمعة، وعلى من تجب.
(٢) قال ياقوت في معجم البلدان (٣/ ١٢٨): موضع قرب المدينة، والذي يظهر أنه قرب مدينة البصرة وليس المقصود المدينة النبوية، والله أعلم.
(٣) أي: لا يصلون العيد لكونه بعد الشروق. أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (٢/ ١٠٤)، وإسناده صحيح.
(٤) كابل: عاصمة الأفغان معروفة.
(٥) ابن المنذر في الأوسط (٤/ ٤١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>