سورة الجمعة في الركعة الآخرة: ﴿إذا جاءك المنافقون﴾. قال فأدركت أبا هريرة حين انصرف. فقلت له: إنك قرأت بسورتين كان علي بن أبي طالب يقرأ بهما بالكوفة. فقال أبو هريرة: إني سمعت رسول الله ﷺ يقرأ بهما يوم الجمعة» (١). وإن قرأ في الثانية بالغاشية فحسن، فإن الضحاك بن قيس سأل النعمان بن بشير ﵁:«ماذا كان يقرأ به رسول الله ﷺ يوم الجمعة على إثر سورة الجمعة قال كان يقرأ ﴿هل أتاك حديث الغاشية﴾ [الغاشية: ١]»(٢)؛ وقال مالك: أما الذي جاء به الحديث هل أتاك حديث الغاشية مع سورة الجمعة والذي أدركت عليه الناس بسبح اسم ربك الأعلى.
(ويجب السعي إليها على من في المصر) اتفاقا إذا وجدت فيه شروط الجمعة لما تقدم.
(و) كذا يجب على (من) هو خارج عن المصر إذا كان (على ثلاثة أميال منه)؛ أي: من المصر وهو المشهور، لأن التحديد بالثلاثة أميال للسماع، والسماع إنما هو من المنار وظاهر قوله:(فأقل) أن الثلاثة أميال تحديد فلا يجب على من زاد عليها ولو قلت الزيادة وهو مذهب أشهب، والمعتمد رواية ابن القاسم أن الثلاثة تقريب فيجب على من زاد عليها زيادة يسيرة بنحو الربع أو الثلث لحديث عائشة ﵄ قالت:«كان الناس ينتابون الجمعة من منازلهم من العوالي، فيأتون في العباء، ويصيبهم الغبار، فتخرج منهم الريح، فأتى رسول الله ﷺ إنسان منهم وهو عندي، فقال رسول الله ﷺ: لو أنكم تطهرتم ليومكم هذا»(٣).
والعوالي هي القرى المجتمعة حول المدينة من جهة نجدها؛ قال الزهري: «وهي على ميلين أو ثلاثة (٤)؛ وكان أنس ﵁ في قصره أحيانا
(١) أخرجه مسلم (٨٧٧). (٢) أخرجه مالك في «الموطأ» (٢٤٥)، ومسلم (٢٠٦٥). (٣) رواه البخاري (٩٠٢)، ومسلم (١٩٥٥). (٤) الفتح (٢/ ٣٦).