كان رسول الله ﷺ إذا صعد المنبر يوم الجمعة، استقبل الناس بوجهه فقال: «السلام عليكم، ويحمد الله ويثني عليه، ويقرأ سورة، ثم يجلس، ثم يقوم فيخطب، ثم ينزل وكان أبو بكر وعمر يفعلانه (١).
ويشترط في الخطبة أن تكون جهرا وسرها لغو قال جابر بن سمرة ﵁: كنت أصلي مع رسول الله ﷺ، فكانت صلاته قصدا، وخطبته قصدا» (٢) وقال جابر ﵁: كان رسول الله ﷺ يخطب الناس، يحمد الله ويثني عليه بما هو أهله، ثم يقول:«من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وخير الحديث كتاب الله»(٣)، ولا يمكن معرفة ما يقول إلا إذا كان ذلك جهرا، وهل يشترط في صحتهما الطهارة قولان مشهوران، المشهور منهما أنه لا يشترط فيها الطهارة غايته أنه خلاف الأولى «لأن النبي ﷺ كان يخطب ثم يصلي ولم يثبت أنه فصل بينهما بطهارة» والله أعلم (٤).
(ويتوكأ)؛ أي: يعتمد (الإمام) في قيامه لخطبته (على قوس أو عصا) على جهة الاستحباب ويكون ما يتوكأ عليه بيده اليمنى لما روى الحكم بن حزن الكلفي، قال:«وفدت إلى رسول الله ﷺ سابع سبعة - أو تاسع تسعة - فدخلنا عليه، فقلنا: يا رسول الله، زرناك فادع الله لنا بخير، فأمر بنا، أو أمر لنا بشيء من التمر، والشأن إذ ذاك دون، فأقمنا بها أياما شهدنا فيها الجمعة مع رسول الله ﷺ، فقام متوكئا على عصا، أو قوس، فحمد الله وأثنى عليه، كلمات خفيفات طيبات مباركات»(٥) ورجح بعضهم العصا (ليطمئن بها)،
(١) أخرجه عبد الرزاق في المصنف (١٩٣٣)، وابن أبي شيبة (٢/ ١١٤). (٢) أخرجه مسلم (٨٦٦)، وأبو داود (١/ ٢٥٢)، والترمذي (٥٠٩). (٣) رواه مسلم (٥٩٣/ ٢)، والنسائي كما في المجتبى (٣/ ١٥٣). (٤) التوضيح على جامع الأمهات لخليل (٢/ ٤٤٧) تحقيق: وليد الحمدان، وانظر: الذخيرة (٢/ ٣٤٣)، ومواهب الجليل على المختصر (٢/ ١٧٧)، ونقل ابن العربي في القبس (١/ ٢٧٤) عدم اشتراطها في الخطبة عن العلماء وأقر القول على ذلك. (٥) رواه أبو داود (١/ ٢٥١)، وأحمد في المسند (٤/ ٢١٢).