واجبا كسفر الحج الواجب، أو مندوبا كسفر حج التطوع، أو مباحا كسفر التجارة سواء كانت تقصر فيه الصلاة أم لا (فله)؛ أي: فيباح له أن يجمع بين (الصلاتين) المشتركتي الوقت وهما الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، فإذا أدركه الزوال سائرا ونوى النزول بعد الغروب فله أن يجمع بين الظهر والعصر (في آخر وقت الظهر) وهو آخر القامة الأولى (وأول وقت العصر) وهو أول القامة الثانية، وهذا جمع صوري لا حقيقي، إذ الحقيقي هو الذي تقدم فيه إحدى الصلاتين عن وقتها المعروف أو تؤخر عنه، وهذا تؤدى فيه كل صلاة في وقتها، ولا يحتاج لنية الجمع، ولا يشترط فيه أن يجد السير، وإن كان ظاهر المصنف مع أن ذلك لا يعقل إذ هو جمع صوري، وحكمه أنه خلاف الأولى إذ الأولى إيقاع الصلاة في أول وقتها، فلا معنى لاشتراط الجد فيه.
(وكذلك المغرب والعشاء)؛ أي: أن صفة الجمع بين المغرب والعشاء مثل صفته بين الظهر والعصر في أنه إذا أدركه الغروب سائرا. ونوى النزول بعد طلوع الفجر فله أن يجمع بين المغرب والعشاء جمعا صوريا بأن يصلي المغرب قرب مغيب الشفق، ويصلي العشاء في أول وقتها، لأنه ينزل طلوع الفجر هنا منزلة الغروب في الظهرين.
(وإذا ارتحل)؛ أي: أراد الارتحال لأن فرض المسألة أنه نازل بالمنهل وزالت أو غربت الشمس وهو به (في أول وقت الصلاة الأولى) ونوى النزول بعد الغروب (جمع حينئذ)؛ أي: قبل ارتحاله على المشهور ليوقع أولاهما في أول وقتها المختار، والأخرى في وقتها الضروري، وهذا هو الجمع الحقيقي لحديث معاذ بن جبل ﵁«أن رسول الله ﷺ كان في غزوة تبوك إذا زاغت الشمس قبل أن يرتحل، جمع بين الظهر والعصر، وإن يرتحل قبل أن تزيغ الشمس، أخر الظهر، حتى ينزل للعصر، وفي المغرب مثل ذلك، إن غابت الشمس قبل أن يرتحل، جمع بين المغرب والعشاء، وإن يرتحل قبل أن تغيب الشمس، أخر المغرب حتى ينزل للعشاء ثم جمع بينهما»(١).
(١) رواه البخاري (١٠٦٠) من حديث أنس، وأبو داود من حديث معاذ (١٢٠٨).