ومن سلم شاكا ثم تبين له الكمال فإنها باطلة، واختاره ابن رشد، وبه الفتوى بإفريقية (١).
(ومن استنكحه)؛ أي: داخله (السهو) في الصلاة (فليله عنه)(٢) وجوبا بمعنى أنه يضرب عنه صفحا، ولا يعول على ما يجده في نفسه من ذلك لأنه بلية من الشيطان إذا تمكنت من القلب لا ينتج معها عمل أبدا، فالدواء النافع من هذا الداء الذي يورث خبل العقل هو الإعراض عنه، وأنفع دواء هو ذكر الله: ﴿إن الذين اتقوا إذا مسهم طيف من الشيطان … تذكروا﴾ [الأعراف: ٢٠١]، وفي «الموطأ» عن مالك: «أنه بلغه أن رجلا سأل القاسم بن محمد فقال: إني أهم في صلاتي فيكثر ذلك علي، فقال القاسم بن محمد: امض في صلاتك فإنه لن يذهب عنك حتى تنصرف وأنت تقول: ما أتممت صلاتي»(٣)، فإذا قال له مثلا ما صليت إلا ثلاثا فيقول له: ما صليت إلا أربعا وإن صلاتي صحيحة، (ولا إصلاح عليه) فلو أصلح وبنى على اليقين لم تبطل صلاته كما قال الخطابي، ولعل وجهه أن الأصل البناء على اليقين، وإنما سقط عن المستنكح تخفيفا عليه، فإذا أصلح فقد وافق الأصل (ولكن عليه أن يسجد بعد السلام) عند ابن القاسم على جهة الاستحباب (٤)، لأنه إلى الزيادة أقرب، ووجهه أن من هذه صفته على تقدير أن يكون شك هل صلى ثلاثا أو أربعا يقرب أن يكون صلى خمسا، ففي مسلم عن أبي سعيد الخدري ﵁: قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا شك أحدكم في صلاته، فلم يدر كم صلى ثلاثا أم أربعا، فليطرح الشك وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمسا
(١) تنوير المقالة للتتائي (٢/ ٢٧٩ - ٢٨٠). (٢) قال التتائي: فليله: بفتح الهاء لأنه من لهي يلهى، كعلم يعلم؛ لأنه لما دخله الجازم حذف الألف، وهو القياس في العربية فبقيت الهاء مفتوحة على حالها. تنوير (٢/ ٢٨٥) (٣) الموطأ، باب: العمل في السهو (١/ ١٠٠). (٤) شرح الرسالة لزروق (١/ ٣٠٩)، وانظر: التوضيح (١/ ٢٠٧)، تحقيق: وليد الحمدان.