للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتطويل إنما هو في حق إمام بقوم محصورين يرضون بذلك، أو منفرد يقوى على ذلك، وإلا فالأفضل عدم التطويل، وظاهر عبارته أن السنة لا تحصل إلا بقراءة سورة من طوال المفصل، وأن الاستحباب إنما هو فيما زاد وليس كذلك، بل السنة تحصل ولو بقراءة آية (بقدر التغليس) وهو اختلاط الظلمة بالضياء والضياء بالظلمة بحيث لا يبلغ الإسفار الحديث عائشة قالت: «كن نساء المؤمنات يشهدن مع النبي صلاة الفجر متلفعات بمروطهن ثم ينقلبن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة لا يعرفهن أحد من الغلس» (١) وفي رواية: «ولا يعرف بعضهن بعضا» (٢)، فدل على أن النبي كان ينفتل من صلاته بقدر التغليس والله أعلم.

ويفهم من كلامه أنه إذا لم يكن تغليس لا يطول؛ (وتجهر بقراءتها)؛ أي: يسن أن تجهر بقراءة السورة التي مع أم القرآن فإن حكمهما واحد في الجهر كما سبق في أحاديث بينت قراءة النبي في الصبح.

(فإذا تمت السورة التي مع أم القرآن (كبرت في) حال (انحطاطك)؛ أي: انحنائك إلى الركوع) لحديث ابن عمر أن رسول الله كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة، وإذا كبر للركوع» (٣)، قال الترمذي: والعمل عليه عند أصحاب النبي ومن بعدهم من التابعين وعليه عامة الفقهاء والعلماء اهـ (٤).

(فتمكن يديك)؛ يعني: كفيك (من ركبتيك) لحديث المسيء صلاته «وإذا ركعت فضع راحتيك على ركبتيك» (٥)، على جهة الاستحباب إن كانتا سالمتين، ولم يمنع من وضعهما عليهما مانع فإن كان مانع من قطع أو قصر


(١) رواه مالك في الموطأ (٤)، والبخاري (٥٥٣)، ومسلم (٢٣٢).
(٢) البخاري (٨٤٣).
(٣) البخاري (٧٣٥)، ومسلم، رقم (٣٩٠).
(٤) الترمذي (٢٥٣).
(٥) رواه أبو داود (٨٥٩) بسند صحيح، وقد تقدم حديث المسيء صلاته مجموعا من طرق.

<<  <  ج: ص:  >  >>